الصحافة الحساسة في اليمن، ودورها في زمن الصراع
اليمن بلد تاريخي عريق تتنوع فيه الثقافات والجغرافية والموارد، إلا أن أكثر من 80 % من شعبة يعاني من الازمات الاقتصادية والعمليات الحربية بسبب الصراع السياسي الدائر في أجزاء واسعة من البلاد، والذي ساعد على انبثاق العديد من وسائل الأعلام المتنوعة على الساحة المحلية لتكون هي الأخرى مسرع مفتوح يعتليه كثير من الصحفيين، لنقل دراما الصراع العبثي بين المكونات والنخب السياسية في البلاد، دون أدنى أي معرفة عن مستوى الخطر الذي يلاحقهم ويهدد حياتهم بسبب انحيازهم الى جهة سياسية عن غيرها.
و منذ مطلع مارس من العام 2015م ، بداية التدخل العسكري لدول التحالف العربي الذي تقوده السعودية لدعم شرعية نظام هادي في اليمن، ، ضد جماعة “أنصار الله” (الحوثيون) ، والساحة الإعلامية في اليمن تشهد تخبط وارباك كبير، بعد أن قام بعض الصحفيين بخرق وتجاوز أخلاقيات مهنة الصحافة الأساسية ، والتجرد من المهنية في نقل الأحداث بمصداقية ، من أجل خوض معارك إعلامية لا تقل ضراوة عن تلك المسلحة في جبهات القتال ، مع من ينتمون إلى محاور مضادة ، وهو ما انعكس سلباً على موضوعية العمل الإعلامي، وجعل حياة العديد من الصحفيين في عموم البلاد عرضة للتهديد والقتل والملاحقات الغير قانونية من قبل فرقاء النزاع المحليين.
صعوبات صحفية:
يواجه الصحفيين والطواقم المصاحبة لهم، خلال الحرب مزيد من الصعوبات أثناء تنقلهم بين المحافظات والمديريات لتغطية الاحداث، كأعمال العنف العشوائية أو الخطف القصري من قبل بعض أفراد الامن أو جماعات مسلحة خارجة عن القانون، لمنعهم من الوصول الى المصادر والوثائق الزامة لتغطية ونقل الاحداث، ولذلك يتطلب العمل الإعلامي في اليمن في ظل الظروف الراهنة، جهد كبير للوصول الى الحقيقة ونقلها كما هي.
لذلك لم يكن العمل في اليمن وفق مبدأ الصحافة الحساسة للنزعات أمر سهل، لصعوبة التنقل بين المواقع التي يقع فيها الصراع، بسبب وجود ألغام أو معارك، أضافة الى تصنيف بعض المواقع كمناطق عسكرية، كذلك تعدد المشاريع والاجندات التي تتبناها قيادات المكونات السياسية المتسببة في الصراع المستمر بالبلاد.
قواعد صحفية:
في ظل الاضطرابات السياسية والنزاع المسلح الذي تشهده البلاد يستحيل التزام الصحفيين والصحفيات بالحياد الكامل، لكن تقع على عاتقهم مسؤولية زيادة الوعي بين اوساط المجتمع وانتقاء مصطلحات متزنة خلال نقل الوقائع، والعمل على مناصرة القضايا الإنسانية والانحياز اليها كونها الضمان الحقيقي لعيش كريم وحر.
العمل المبني على وقائع دون تدخل مفتعل او منحاز الى طرف عن اخر، يعزز من مصداقية الصحافي والوسيلة الإعلامية التي يعمل بها، وبذلك قد يسهم مستقبلاً في صنع وترسيخ المفاهيم الحقيقية لصحافة الحساسة في اليمن.
كما أن هناك قواعد صحفية في الصحافة الحساسة الذي من المفترض أن يلتزم بها الصحفيين والصحفيات في ظل الصراع الدائر والذي يعتبر من المهنية في العمل الصحفي منها :- التعامل بحساسية مع عملية نقل الأخبار، عدم أشعال نار الفتنة بين أطراف النزاع وغيرها من القواعد التي تعتبر ضمن مهنة العمل الصحفي.
الخلاصة:
يجب أن يعي كل من يعمل في الوسط الإعلامي أن العمل بقواعد الصحافة الحساسة طريق سهل لتثبيت دعائم السلام، لا يقلل من دور الصحافي او يحرمه من حقة في نقل وتغطية الاحداث، بل يساعد على تعزيز حضوره كمساهم حقيقي في تثبيت السلام ووقف النزاع المسلح.