بسبب اللهجة الخليجية | المغتربات اليمنيات يتعرضن للتنمر في وطنهن الأم
تتعرض العديد من الفتيات اليمنيات العائدات من دول الخليج إلى نوع من التنمر الاجتماعي بسبب اللهجة الخليجية التي اكتسبنها خلال سنوات إقامتهن هناك. فعلى الرغم من أن هذه الفتيات يحملن الهوية اليمنية، إلا أن اللهجة الخليجية التي يتحدثن بها غالبًا ما تثير استهجان البعض في المجتمع اليمني، مما يسبب لهن مشاعر العزلة والتمييز. والواقع أن هذا النوع من التنمر يعكس قسوة المجتمع في رفضه للتميّز الثقافي الذي لا يتوافق مع معاييره، مما يزيد من الصعوبات التي تواجهها الفتيات في العودة إلى وطنهن.
التنمر بسبب “اللهجة الخليجية”: قصة “ريم”
من أبرز الحالات التي يتعرض فيها الفتيات العائدات للتنمر هو اختلاف اللهجة. “ريم” هي فتاة يمنية نشأت في السعودية، وعندما عادت إلى اليمن، واجهت صعوبة في التكيف مع التوقعات الاجتماعية لأسلوب حديثها. تقول ريم: “كنت أتحدث باللهجة السعودية، وكان أصدقائي الجدد في اليمن يسخرون مني بشكل مستمر. كانوا يقولون لي ‘أنت مش يمنية’ فقط لأنني لم أتمكن من التحدث باللهجة اليمنية.” هذا التنمر القائم على اللهجة أصبح يشكل عبئًا نفسيًا على ريم، حيث كانت تجد صعوبة في التكيف مع المجتمع الذي رفض تقبل اختلافها.
تأثير اللهجة الخليجية في البيئة اليمنية
تكتسب الفتيات العائدات من دول الخليج لهجة خليجية ناعمة ومهذبة، ولكنها في نظر الكثيرين في المجتمع اليمني تعتبر “غريبة” أو “مختلفة”. إذ يجد البعض أن هذه اللهجات بعيدة عن السائد في اليمن، مما يساهم في زيادة حدة التنمر الذي يواجهنه. من بين هذه اللهجات، نجد اللهجات السعودية والقطرية والإماراتية، وهي لهجات تتمتع بخصائص خاصة تختلف كثيرًا عن اللهجة اليمنية. وفي بعض الأحيان، يسخر البعض من الفتيات بسبب نطقهن للكلمات بطريقة غير مألوفة، مما يعزز شعور الفتاة بأنها “غريبة” في وطنها.
التنمر في المدرسة: “سارة” والضغط الاجتماعي
قصة “سارة”، التي عادت إلى اليمن بعد أن نشأت في الكويت، تبرز شكلًا آخر من التنمر الذي يتجسد في البيئة المدرسية. تقول سارة: “في المدرسة، كان بعض الطلاب يسخرون مني كلما تحدثت. كنت أشعر أنني مختلفة عنهم، وكان ذلك يسبب لي الكثير من الإحراج. كنت أعتقد أنني سأكون قادرة على التكيف بسهولة، ولكن الحقيقة كانت مغايرة.” هذا النوع من التنمر يزداد في المدارس التي لا تقدّر التنوع الثقافي واللغوي، مما يزيد من عزلة الفتيات العائدات ويعمق الإحساس بالفشل في التكيف مع البيئة الجديدة.
العواقب النفسية والاجتماعية
التنمر الذي تتعرض له الفتيات اليمنيات العائدات من الخليج له آثار نفسية عميقة. فعلى الرغم من أن العديد منهن قد يظنن أن اللهجة مجرد أمر شكلي، إلا أن التنمر المستمر قد يؤدي إلى مشاعر انعدام الثقة بالنفس، والاكتئاب، والعزلة. تقول “مريم”، التي نشأت في البحرين: “أحيانًا كنت أتمنى لو كنت أستطيع تغيير طريقتي في الكلام فقط لأتجنب التعليقات الساخرة.” هذا الضغط النفسي يجعل من الصعب على الفتيات بناء علاقات صحية مع الآخرين في مجتمعهن، كما أنه يحد من قدرتهن على التعبير عن أنفسهن بحرية.
اللهجة كعلامة للتمييز الاجتماعي
في بعض الحالات، يكون التنمر الذي تتعرض له الفتيات العائدات مرتبطًا بالتمييز الطبقي. فالبعض في اليمن ينظر إلى اللهجة الخليجية على أنها تدل على رفاهية أو عيش حياة أفضل، وهو ما يجعل الفتيات اللاتي يتحدثن بها في نظر بعض الناس “مختلفات” عنهم. هذا النوع من التنمر لا يقتصر على اللهجة فقط، بل يمتد ليشمل استهداف الفتيات بسبب حياتهن السابقة في الخليج. تقول “فاطمة”، وهي فتاة يمنية نشأت في الإمارات: “كنت دائمًا أسمع تعليقات حول أنني لست مثل الفتيات اليمنيات الأخريات، فقط لأنني أتكلم بطريقة مختلفة.”
التنمر الذي تتعرض له الفتيات اليمنيات العائدات من دول الخليج بسبب اللهجة الخليجية هو مشكلة اجتماعية عميقة تُظهر مدى صعوبة التكيف مع بيئة جديدة بعد سنوات من العيش في بيئة ثقافية ولغوية مختلفة. إن هذا التنمر لا يؤثر فقط على الفتيات في جوانبهن الاجتماعية والنفسية، بل قد يعزز الشعور بالعزلة والتهميش في المجتمع. من المهم أن يتغير هذا الواقع، وأن يكون هناك تقبل أكبر للتنوع اللغوي والثقافي في المجتمع اليمني، لتمكين الفتيات العائدات من العيش بسلام واستعادة شعورهن بالانتماء.