الظروف الاقتصادية كابوس يجبر الفتيات على عدم مواصلة التعليم
في ظل الأزمات الاقتصادية والحروب المستمرة في اليمن، تجد العديد من الفتيات أنفسهن محرومات من فرصة مواصلة تعليمهن بسبب الظروف الاقتصادية القاسية. تقول مروة (اسم مستعار)، وهي فتاة من محافظة الحديدة: “كنت أحب الدراسة، لكن بسبب الوضع الاقتصادي المتدهور، اضطرت أسرتي إلى إيقاف تعليمي حتى أساعد في العمل”. هذه الظروف المعيشية الصعبة تعد السبب الرئيسي لحرمان العديد من الفتيات في اليمن من حقهن في التعليم، وتعد جزءًا من معاناة أكبر في ظل النزاع الدائم.
الفقر وتأثيره على التعليم
الفقر المدقع هو أحد أبرز العوامل التي تمنع الفتيات من مواصلة تعليمهن. تقول ليلى (18 عامًا)، وهي من إحدى القرى في محافظة إب: “نحن نعيش في ظروف مالية صعبة، وحتى لو كنت متفوقة في دراستي، فإن المال الذي نحتاجه لتغطية تكاليف المدرسة غير متوفر”. وغالبًا ما تُجبر الأسر الفقيرة على اتخاذ قرارات صعبة تتعلق بتعليم بناتها، حيث يُنظر إلى تعليم الفتيات على أنه ترف غير ضروري إذا كانت الأسرة تواجه صعوبات مالية. في كثير من الحالات، تتوقف الفتيات عن الذهاب إلى المدرسة ويضطررن للعمل للمساعدة في توفير احتياجات الأسرة الأساسية.
الأعباء الاقتصادية على الأسر
مع استمرار الحرب في اليمن، تكبدت العديد من الأسر تكاليف مادية إضافية جراء النزوح، وفقدان الوظائف، وارتفاع أسعار المواد الأساسية. تقول هناء (17 عامًا) من محافظة تعز: “والدي فقد عمله بسبب الحرب، وأصبحنا نعيش على المساعدات الإنسانية فقط. ليس لدينا ما يكفي لتغطية مصاريف الدراسة أو شراء المستلزمات المدرسية”. تعيش هذه الأسر في حالة من العجز الاقتصادي الذي يجعل من الصعب تخصيص أي موارد لدعم تعليم بناتهم، مما يساهم في تزايد نسب الأمية بين الفتيات في العديد من المناطق.
التكاليف الباهظة للنقل والمواد الدراسية
إحدى العقبات الأخرى التي تواجه الفتيات في المناطق الريفية هي التكاليف المرتفعة للنقل إلى المدارس، حيث لا توجد مدارس في معظم القرى. تقول فاطمة (16 عامًا)، وهي من محافظة الجوف: “إذا أردنا الذهاب إلى المدرسة، نحتاج إلى دفع تكاليف المواصلات التي تفوق قدرة أسرتنا”. في العديد من المناطق، لا توجد مدارس قريبة من القرى، مما يضطر الفتيات إلى السفر لمسافات طويلة للوصول إلى أقرب مدرسة، وهو ما يشكل عبئًا ماليًا إضافيًا على الأسر ذات الدخل المحدود.
تأثير الظروف الاقتصادية على التعليم العالي
بعيدًا عن التعليم الابتدائي والثانوي، فإن التعليم العالي يشكل تحديًا أكبر للفتيات في اليمن بسبب التكاليف المرتفعة. تقول سمية (20 عامًا)، وهي طالبة في جامعة صنعاء، لكنها من أسرة فقيرة: “كنت أطمح لدراسة الطب، لكن التكاليف الباهظة للدراسة جعلتني أوقف حلمي. كان يجب عليّ العمل لمساعدة أسرتي”. يعاني الكثير من الفتيات من نقص الدعم المالي لدخول الجامعات، مما يدفعهن إلى التخلي عن آمالهن في استكمال التعليم العالي والتوجه إلى العمل لدعم أسرهن.
العوامل الاجتماعية والنظرة التقليدية
إلى جانب الأعباء الاقتصادية، تؤثر العوامل الاجتماعية أيضًا في قدرة الفتيات على مواصلة تعليمهن. في بعض المجتمعات اليمنية، يُعتبر تعليم الفتيات أقل أهمية من تعليم الذكور. تقول مريم (19 عامًا) من محافظة شبوة: “كان والدي يقول لي دائمًا إنني لن أحتاج إلى التعليم لأنني سأكون زوجة وأمًا في المستقبل”. في هذه المجتمعات، لا يُنظر إلى تعليم الفتاة كاستثمار للمستقبل بل كعبء إضافي على الأسرة، خاصة إذا كانت الظروف الاقتصادية صعبة.
الحرمان من التعليم كعائق أمام تمكين المرأة
الحرمان من التعليم في مراحل مبكرة يؤدي إلى عواقب طويلة الأجل على حياة الفتيات. تقول ريم سعيد، ناشطة حقوقية في مجال التعليم: “العديد من الفتيات اللاتي يتم حرمانهن من التعليم يواجهن صعوبة في إيجاد وظائف في المستقبل، ويعانين من قلة الفرص الاقتصادية والاجتماعية”. التعليم ليس مجرد حق بل هو السبيل الوحيد لتمكين النساء والفتيات اقتصاديًا واجتماعيًا، ومنعهن من التعليم يحد من فرصهن في تحسين حياتهن وحياة أسرهن.
دور المنظمات الإنسانية في تحسين الوضع
تعمل العديد من المنظمات الإنسانية في اليمن على توفير الدعم المالي والعيني للأسرة اليمنية الفقيرة، بما في ذلك الدعم لتعليم الفتيات. تقول فاطمة الجابري، ممثلة إحدى المنظمات غير الحكومية: “نحن نقدم مساعدات لتغطية التكاليف التعليمية، مثل دفع الرسوم الدراسية وتوفير المستلزمات المدرسية. ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من الدعم لتشمل جميع الفتيات في المناطق الأكثر تضررًا من الحرب”. هذه الجهود تساعد في تخفيف العبء الاقتصادي على الأسر وتوفير الفرص التعليمية للفتيات، لكن التحديات ما زالت قائمة.
الحاجة إلى حلول مستدامة
من أجل تحسين الوضع، يجب أن يكون هناك حلول مستدامة تهدف إلى تقليل العبء الاقتصادي على الأسر وتحفيز المجتمع على دعم تعليم الفتيات. تقول مروة (18 عامًا) من محافظة عدن: “إذا حصلنا على الدعم المالي المستمر، يمكننا مواصلة دراستنا بدون القلق بشأن التكاليف”. من خلال توفير المنح الدراسية، والتقليل من التكاليف المرتبطة بالتعليم، يمكن تحسين فرص التعليم للفتيات اليمنيات، وهو ما سيساهم في بناء مجتمع أكثر تقدمًا.
إن الظروف الاقتصادية التي يعيشها العديد من الأسر اليمنية تشكل أحد العوائق الرئيسية التي تمنع الفتيات من مواصلة تعليمهن. ورغم الجهود المبذولة من قبل بعض المنظمات الإنسانية، إلا أن هناك حاجة ماسة إلى تدخلات أكبر لدعم تعليم الفتيات في اليمن، وتوفير بيئة تعليمية مناسبة تساعدهن على بناء مستقبل أفضل. التعليم هو أساس التغيير، وإذا تم تمكين الفتيات من الحصول على التعليم، فإنهن سيصبحن جزءًا من الحل لبناء اليمن بعد الحرب.