مواد غرفة أخبار الجندر

04
نوفمبر

الابتزاز الإلكتروني: تهديد خفي يلاحق الفتيات

 ميديا ساك

في عصر التكنولوجيا الحديثة، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا أساسيًا من حياة الشباب، خاصة الفتيات، حيث يُعتبر الإنترنت مساحةً للتواصل، التعلم، والتعبير عن الذات. ولكن، مع هذه الحرية الرقمية، يختبئ تهديد خطير يهدد حياتهن وخصوصيتهن، وهو الابتزاز الإلكتروني. فالفتيات، اللاتي يستخدمن الإنترنت بطرق متنوعة، يجدن أنفسهن أحيانًا في مواجهة مع أشخاص يستغلون هذه المساحات للتهديد والتحكم.

“في البداية، كان كل شيء يبدو طبيعيًا، مجرد محادثات مع شخص على الإنترنت. لكن مع مرور الوقت، بدأ يُظهر لي صورًا خاصة لي حصل عليها بطريقة غير قانونية، وهددني بنشرها إذا لم أستجب لمطالبه”، تقول هالة (اسم مستعار)، 25 عامًا، من محافظة لحج، التي تعرضت للابتزاز الإلكتروني بعد أن تعرفت على شخص عبر إحدى الشبكات الاجتماعية. “شعرت بالعجز والخوف، خاصة عندما بدأ يهدد بنشر الصور بين عائلتي وأصدقائي.”

صورة مشوهة للخصوصية

الحالة التي تعرضت لها هالة هي مجرد واحدة من بين العديد من الحالات التي تعيشها فتيات في المجتمعات الحديثة. ففي بعض الأحيان، قد تكون هذه الهجمات مجرد رسائل من شخص يختبئ وراء حساب مزيف، وأحيانًا أخرى قد تكون عمليات معقدة تتضمن تسريب صور شخصية أو بيانات خاصة، مما يعرض الفتيات لضغوط نفسية هائلة.

تقول سارة، 22 عامًا، من مدينة الشحر، التي تعرضت هي الأخرى لابتزاز مشابه: “كنت أظن أن الحديث مع شخص غريب على الإنترنت لن يؤثر على حياتي، لكن عندما أصبح يهددني بإرسال محادثاتنا إلى أشخاص مقربين مني، أدركت حجم الخطر الذي كنت فيه.”

أسباب انتشار الابتزاز الإلكتروني

محمد أحمد، متخصص في الأمن السيبراني في محافظة الحديدة، يرى أن الابتزاز الإلكتروني هو تهديد يتخذ عدة أشكال، أبرزها التهديد بنشر صور أو مقاطع فيديو حساسة أو محادثات خاصة، مما يؤدي إلى إلحاق أذى كبير بضحاياه. يعود انتشاره بشكل أساسي إلى عدة عوامل، أبرزها:

  • قلة الوعي الرقمي: العديد من الفتيات لا يدركن خطورة مشاركة صورهن أو معلوماتهن الشخصية على الإنترنت، مما يُسهل على المعتدين الوصول إلى هذه البيانات.
  • الهوية المجهولة للمعتدين: الإنترنت يوفر بيئة يمكن فيها للمعتدي أن يظل مجهول الهوية، ما يتيح له استغلال الضحايا دون خوف من المساءلة القانونية.
  • الضغط الاجتماعي والتأثير النفسي: كثير من الفتيات يشعرن بالضغط لعدم كشف تعرضهن للابتزاز خوفًا من العواقب الاجتماعية أو العائلية، مما يُسهل على المبتزين استغلالهن.

تداعيات الابتزاز على الضحايا

التداعيات النفسية للابتزاز الإلكتروني تكون مدمرة في كثير من الأحيان. تتعرض الضحايا للعديد من المشاكل النفسية مثل القلق، والاكتئاب، والشعور بالعزلة، بالإضافة إلى فقدان الثقة بالنفس. وتؤكد د. فاطمة الأهدل، أخصائية نفسية: “الابتزاز الإلكتروني يمكن أن يؤثر بشكل عميق على الصحة النفسية للفتيات. في بعض الحالات، قد تصل إلى مراحل من الانتحار بسبب العجز عن مواجهة التهديدات التي يتعرضن لها.”

ليس هذا فحسب، بل إن الفتيات اللواتي يتعرضن للابتزاز الإلكتروني قد يفقدن أيضًا فرصهن في الحياة الاجتماعية والعملية. ففي العديد من الأحيان، يخشين من التأثير الاجتماعي أو العائلي لفضح التهديدات التي يتعرضن لها.

 

القانون وأثره في حماية الضحايا

رغم أن العديد من البلدان قد بدأت في اتخاذ خطوات قانونية لحماية ضحايا الابتزاز الإلكتروني، إلا أن تطبيق القوانين يظل متأخرًا في بعض الأماكن، مما يترك الفتيات في مواجهة المعتدين دون حماية فعالة. في كثير من الأحيان، لا يثق الضحايا في أن السلطات ستتمكن من تقديم المساعدة الفعالة، مما يزيد من تفاقم المشكلة.

يقول المحامي محمد عبد الله: “القوانين المتعلقة بالابتزاز الإلكتروني قد تكون موجودة، لكن المشكلة تكمن في التطبيق الفعلي لهذه القوانين. يتعين على الحكومات زيادة الجهود لتوعية المجتمع وتقديم الدعم للضحايا في مراحل التحقيق والملاحقة القضائية.”

ويشدد المحامي محمد عبد الله، بأنه يجب على الفتيات أن يتبعن بعض الإجراءات الوقائية على الإنترنت، مثل:

عدم مشاركة الصور الخاصة: تجنب إرسال الصور أو مقاطع الفيديو التي تحتوي على معلومات شخصية أو قد تكون محرجة، وإعدادات الخصوصية: تفعيل إعدادات الخصوصية في حسابات وسائل التواصل الاجتماعي لتقييد الوصول إلى المعلومات الشخصية، والتحدث مع أحد الموثوقين: في حالة التعرض للابتزاز، يجب على الفتيات أن يتحدثن مع أفراد من العائلة أو الأصدقاء الموثوقين للحصول على الدعم، كذلك، الإبلاغ: يجب على الضحايا أن يُبلغوا السلطات المختصة أو خدمات الإنترنت عن التهديدات التي يتعرضن لها.

مسؤولية مجتمعية وأخلاقية

الابتزاز الإلكتروني ليس مجرد جريمة قانونية، بل هو أيضًا جريمة اجتماعية وأخلاقية، تتطلب من المجتمع ككل أن يتكاتف لحماية النساء والفتيات من هذا الخطر. التوعية والتثقيف الرقمي، بالإضافة إلى الإجراءات القانونية الفعالة، يمكن أن تسهم في تقليل انتشار هذه الظاهرة.

لهذا، يجب أن نتذكر أن الفتيات، مثل أي شخص آخر، يستحقن أن يعيشوا في بيئة آمنة لا تشكل التهديدات الإلكترونية جزءًا من حياتهن اليومية. ومن خلال الجهود المشتركة من الحكومات، والمجتمع، والمنظمات الحقوقية، يمكننا العمل على توفير حماية أفضل للنساء من الابتزاز الإلكتروني وضمان حقوقهن في عالم رقمي آمن.

اشترك

اشترك في قائمتنا البريدية