19
مارس
“معوزي”.. خيوط أسرية تصنع المعاوز والإبداع
خيوط تتجمع هنا وهناك وأياد متعددة صغيرة وشابة وحّدتها يدُ امرأة واحد ملهمة ذات عزيمة وإصرار كبيرين.
نسيم محفوظ لم تكن امرأة عادية أبدا، وقبل ذلك لم تكن فتاة عادية أيضا، فبالرغم من حرمانها من التعليم وتزويجها منذ صغرها، كعادة كثير من المناطق اليمنية، ظلّ شغفها بالتعليم حُلما يراودها، حتى بعد أن تزوجت وأنجبت ٥ أطفال، فكانت ترعى أبناءها وتذهب للتعليم في الوقت نفسه، فتخفق وتعود، ثم تتوقف، ثم تعود لاستكمال تعليمها، وهكذا حتى أنهت المرحلة الثانوية.
كبرت نسيم هي وأطفالها معا، فقد تزوجت في عمر 13، وأنجبت مباشرة بعد عام من زواجها، وهكذا استمرّ الإنجاب طفلا تلو الآخر، حتى رأتْ نفسها فجأة لا تستطيع اللعب بالدمى، بل على عاتقها مسؤولية أطفال حقيقيين هي والدتهم.
ومع مصاعب الحياة، رأت نسيم أن تعمدَ إلى تعلم حرفة تعين بها زوجها على توفير بعض المصروفات معه فتعلّمت حياكة المعاوز (الأُزُر)، وهي مهنة مشهورة في وصاب يعمل بها كثير من أبناء تلك المنطقة، وتُعد المعاوز جزءًا من الزي الرجالي الشعبي اليمني الذي يرتديه الرجل في بعض المحافظات اليمنية، وخصوصا الحارّة لما له من طابع مريح وعملي وجميل.
تعلّمت نسيم حياكة المعاوز ووفرت الإمكانات لها، وبدأت بالعمل عليها، نجحت وبدأت تتفنن في صناعتها، بل قامت بتعليم ولديها طرق حياكة وحباكة المعاوز اليمنية. افتتحت المرأة الطموحة نسيم متجرها الصغير الخاص، ووفرت الإمكانات البسيطة من جديد وحبال لربط الخيوط وحياكة المعاوز يدويا بأروع وأبهى الأشكال المميزة.
كبر مشروع “معوزي” وأصبح يصل إلى كثير من الناس بأنواعه وأشكاله، وباتت ترسل لكثير من زبائنها بنماذج مميزة تباع في الأسواق وكبار المحلات التجارية، لتصبح نسيم محفوظ رائدة حياكة المعاوز في صنعاء هي وأولادها الشباب الذين يعملون معها بجد واجتهاد، وها هم أيضا يرتادون الجامعة مع والدتهم نسيم محفوظ التي تدرس الآن في قسم التجارة مع ابنها، محققة أروع قصص المثابرة والتميز والنجاح.
وفي ختام لقائي بها، تمنّت أن يكبر مشروعها وأن تدير مصنعا خاصا بالمعاوز بإنتاج محلي تفخر وتفاخر به وبأيدٍ عاملة كثيرة ومتعددة لتخرج بنتائج أكثر إبداعاً وتألقاً.