المرأة اليمنية بين الاستعلاء الذكوري ونظرة المجتمع القاصرة
تمضي السنون وتتغير الحكومات والأجيال والوجوه، والمرأة اليمنية ما زالت تصرخ بأعلى صوتها وهي تبحث عن جزء من حقها المسلوب، وتنتظر إنصافًا أو أملاً تسوقه إليها الدولة أو تحمله إليها أجنحة الأمم المتحدة في بلد تُصنَّفُ فيه على إنها عورة يجب سترها، وقاصرة ينبغي إخضاعها لوصاية الأب أو الزوج. ولهذا يبقى تمثيل المرأة اليمنية في الحياة السياسية فاقدًا للمصداقية.
ومنذُ عام 1990م ونِسَب تمثيلها تختلف من حكومة إلى أخرى، وهذا ما توضحه دراسة قامت بها “منصتي 30” عن نسب تمثيل المرأة في الحكومات المتعاقبة على اليمن على النحو الآتي:
نسبة تمثيل المرأة في حكومة العطاس 0 %.
حكومة عبد العزيز عبد الغني 0 %.
حكومة فرج بن غانم 0 %.
حكومة الإرياني 0 %.
حكومة باجمال 3 %.
حكومة باجمال 3 %.
حكومة باجمال 6 %.
حكومة على مجور 6 %.
حكومة باسندوة حكومة وفاق وطني 9 %.
حكومة بحاح حكومة شراكة وطنية 11 %.
حكومة بحاح حكومة مصغرة 8%.
حكومة بن دغر 6 %.
حكومة معين 1 = 6 %.
حكومة معين حكومة الكفاءات 0 %.
المرأة اليمنية بين فكَّي القوانين الظالمة وكماشة العنف:
لم تكن معاناة المرأة اليمنية يومًا بسبب الحرب التي تشهدها اليمن بقدر ما هي من القوانين الظالمة التي تدين المرأة حتى وإن كانت هي الضحية، بينما لا يتم محاسبة الرجل حتى وإن ثبتت الجريمة، وهذا ما أكدته تقارير كثيرة ومن ضمنها “تقرير نشرته منظمة رايتس رادار في اليوم العالمي للمرأة ألـ من 8 أيلول / سبتمبر تقرير يوثق الانتهاكات التي تعرضت لها المرأة اليمنية منذ بداية الحرب في أيلول / سبتمبر 2014 وحتى نهاية العام 2019م حيث بلغت عدد الانتهاكات (16667) انتهاكًا، وشملت الانتهاكات الموثقة (919) حالة وفاة، و(1952) إصابةً تسببت بها الغارات الجوية والقصف المدفعي وانفجار الألغام الأرضية والعبوات الناسفة والطائرات المسيَّرة وأعمال القنص والإطلاق العشوائي للرصاص الحي، ومن هذه الانتهاكات أيضًا (384) حالةَ اختطاف واختفاء قسري وتعذيب. وذكرت المنظمة أن كل أطراف الصراع اليمني تورطوا بارتكاب هذه الانتهاكات، إلى جانب تنظيم القاعدة والجماعات المسلحة المستقلة وجهات أخرى غير معروفة”.
حال المرأة في اليمن مختلف وتفاصيل حياتها نرصدها بحلوها ومرِّها في هذا التقرير والبداية مع:
لارا المنصري رئيس قسم تعليم الفتاة في إدارة التربية والتعليم في مديرية البريقة محافظة عدن تقول لـ ”صحيفة نبض العرب الإلكترونية: إنَّ المرأة اليمنية لم تقف مكتوفة الأيدي خلال سنوات الحرب، وكان لها حضور بارز ودور كبير في التخفيف من معاناة أسرتها ومجتمعها فعملت في كل الميادين ومختلف المجالات؛ عملت طبيبة ومهندسة وربة بيت ومعلمة ونحو ذلك من المهن. ولجهود المرأة اليمنية ونضالها وكفاحها مع شقيقها الرجل في مختلف جوانب الحياة دليل على أن المرأة اليمنية استطاعت أن تقدم خدمات جلية وأن تتخطى الصعاب التي رافقت السنوات الماضية محققة إنجازات ملموسة على أرض الوقع.
أمة الرحمن العفوري ناشطة إعلامية ومجتمعية تقول لـ ”صحيفة نبض العرب الإلكترونية: إن موضوع مشاركة المرأة في المجال السياسي موضوع مهم جدا خاصة في اليمن التي تنظر إلى المرأة دائما على أنها ربة بيت مكانها المنزل، فيما استطاعت خوض العديد من التجارب وإدارة العديد من المكاتب على الصعيد المحلي. لذا علينا جميعا استثمار كل الطاقات وتسخيرها لمساندة المرأة والمطالبة بحقها في الحياة وحقها في المشاركة إلى أن تصل إلى مشاركة سياسية حقيقية منصفة. فالمرأة بطبيعتها داعية أساسية في الأمن والأمان في الوقت الذي تدفع غاليا ثمن الصرعات السياسية وتقدم التضحيات على حساب كرامتها وفقدانها لعائلها سواءً كان زوجها أو ابنها إلى جانب فقدانها التأثير الفاعل في الأحداث السياسية التي تسهم بشكل كبير في تهميشها رغم كل ما تقوم به الأمم المتحدة حاليًا من ندوات ومؤتمرات على المستوى المحلي والدولي إلا أنه يظل كلامًا وحبرًا على ورقع لم يحقق أيَّ واقع ملموس، وخير شاهد على هذا كله خلو حكومة المناصفة من مشاركة المرأة. وهذا أثبت حكر الرجال على السلطة سواءً كانوا أحزابًا أو نخبًا سياسيةً أو قياداتٍ حكوميةً. نحن نأمل أن يكون للمرأة دور ريادي ومشاركة حقيقة في المراحل القادمة لأننا نثق أن النساء لديهن قدرة فائقة في تحقيق السلام الدائم للبلاد.
د. عبد الله الصمدي من جانبه، يقول: لست أدري لماذا لم تقتنع النخب السياسية بأهمية دور المرأة اليمنية في الحياة العامة والسياسية حتى الآن؟ ولماذا ينظرون إلى وجودها في مراكز صناعة القرار على أنه مشكلة مع أن المرأة اليمنية بفطرتها تدعو إلى السلام وهي مَن تدفع دائمًا ثمن الصراعات والحروب وما ينتج عنها من آثار. صراحةً يبدو لي الأمر عصيًّا على الفهم، ولأسباب كثيرة لم تحظَ المرأة اليمنية حتى اليوم بالمكانة التي تليق بها ومن أهم هذه الأسباب هي سياسات الدولة تُجاهَها، فهي السبب الرئيس لما آلت إليه أوضاع المرأة في اليمن وواقعها لا يخفى على أحد.
وأضاف قائلاً: إن المرأة بالنسبة لي نفسها نفس الرجل لديها القدرات لتقوم بكل ما يقوم به، وحينما يتقبلها المجتمع كإنسان له قيمته ستشعر بقيمتها وستنظر إلى نفسها باحترام كونها أصبحت عنصرًا فاعلاً في بناء المجتمع وتطويره، والعكس صحيح؛ فحينما تمنع من ممارسة حقها في العمل فإن ذلك يعني تعطيل نصف المجتمع الذي يؤثر بالضرورة على نصفه الآخر.
وتنظر هدية الرحمن أحمد ناشطة شبابية محافظة عدن أن ما يحدث للمرأة من تهميشٍ وإقصاءٍ من قِبل النخب السياسية والأحزاب ليس بالجديد ولم يكن دخيلاً على الحكومات المتعاقبة على اليمن بل هو تربية تربّوا عليها وعملوا على توظيفها بصورة تكاد تكون حصرية بهم فقط وما استمرار عمل المرأة تحت عباءة الرجل وعدم منحها الأولوية لمناقشة قضاياها وتركها تتفرغ كما يتفرغ الرجال للقضايا والملفات الأخرى إلا دليل على أن المرأة اليمنية ما زالت تعاني من الإقصاء والتهميش.
وأضافت قائلة: إن المرأة اليمنية مغيَّبة تمامًا عن الحياة السياسية ومراكز صنع القرار رغم أن مؤتمر الحوار الوطني ضمن لها 30٪ لكن وللأسف ليس لدى المرأة اليمنية أي نسبة تمثيل في الحكومات اليمنية والدليل على ذلك غيابها في حكومة المناصفة المشكَّلة مؤخَّرا بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي وهذه واقعة صادمة للمرأة. وطالبت هدية الرحمن بضرورة إشراك المرأة اليمنية في العملية السياسية وإعطائها النسبة المعروفة لها وحمايتها وعدم مضايقاتها وتهديدها كونها شريكًا أساسيًا في البناء والتطوير لأي بلد. وإعطاءُ الفرصة للمرأة اليمنية سيسهمُ في حل كثير من المشكلات، وغيابُها يؤثر سلباً في العملية السياسية.
دعاء نبيل، صحفية، مهتمة بالشأن السياسي والحقوقي،قالت: “أن أكثر النساء اليمنيات محرومات من حقوقهن، ومع ذلك فإنهن أتخذن العديد من الخطوات في كفاحهن حتى يصلن إلى تحقيق السلام في اليمن منذ مراحل الحركة النسوية، وحتى هذه اللحظة وأضافت أن تمكين النساء اليمنيات يفترض أن يكون من الأولويات الحقيقية لصناع القرار، أو لدى الأطراف السياسية في اليمن، فغالباً ماينظر الى النساء كضحايا، ولسن أطرافا مؤثره ومعنية بالعملية السياسية وإحلال السلام .
مشيره إلى دور المبعوث الأممي لليمن هانس جرودنبيرج، والذي أولى اهتماماً كبيرا للإستماع لكافة الأطراف اليمنية، ومنظمات المجتمع المدني، والقيادات النسوية، والشباب، فهناك من يدرك مدى أهمية دور النساء في تحقيق السلام المستدام، آملين من ذلك مشاركتهن في العملية السياسية، وبأعلى المستويات في عملية المصالحة.
وشددت على أهمية العمل وفق المسارات الثلاثة لعملية السلام، وأن تواجد المرأة في مفاوضات السلام من الأولويات لوقف الحرب، وإحلال السلام في اليمن”.
تختلف الأمكنة والأزمنة وتبقي المرأة اليمنية هي بطلة الحكاية ومحورها الثابت في كل الفصول، فمنذ عقود طويلة حتى اليوم ووضع المرأة اليمنية لم يختلف كثيرا ولا تزال مكبلةً بقيود شتى. فهل تستطيع إبراز نفسها من خلال قدرتها على التأثير في الحياة السياسية والحزبية؟ وهل هي قادرة على تغيير النظرة الدونية والقاصرة لها باعتبارها نصف المجتمع. لننتظر، فالأيام القادمة حبلى بالمفاجآت.
تم إنتاج هذة المادة لغرفة أخبار الجندر اليمنية الذي تنفذه مؤسسة ميديا ساك للإعلام والتنمية