المرأة اليمنية والسلام.. حضور ملموس أم تكملة عدد؟!
تكبّدت المرأة اليمنية ويلات حرب أوشكت أن تُنهي عامها السابع، فمنذ اندلاع الحرب في 2015، تعاني المرأة اليمنية من مرارات الحرب والصراع، لكنها مع ذلك لم تستسلم ولم تقف مكتوفة اليدين، فكانت المبادِرة الأولى في تقديم المساعدة لنفسها ولغيرها. تبنّت المرأة اليمنية المبادرات وقدّمت الخدمات الإغاثية، شاركت بالوساطة من أجل تبادل الأسرى والسجينات وقضايا محلية كثيرة. تبنّت الأمم المتحدة قضيتها ودورها بالقرار 1325 والقرار 2250، وشُكّلت مجموعة التوافق النسوي من أجل الأمن والسلام، وشاركت في مفاوضات الكويت وستوكهولم، لكن هل تركت أثرا ملموسا على الأرض؟ هل صنعت تغييرا في مسار السلام؟
تقول سُمية الحُسام -أو كما أرادت أن نعرف عنها بأنها امرأة سلام-: “إن دور المرأة السياسي مُغيّب نوعا ما، لكن دورها الإنساني بارز، لذا فالأثر الذي تركته في الجانب الإنساني هو ما يُحسب لها سواء في لجان الوساطة أم في تبادل الأسرى أم في الإفراج عن السجينات”. وتعتقد الحُسام أن دور المرأة في المجتمع المحلّي أكبر، وذلك بالمبادرات التي تُقدِّم خدمات مُستدامة، وتُضيف أنّ دور المرأة يظلّ مؤثرا بغض النظر عن توجّهها الحزبي أو انتمائها لجهة معينة، فهناك نساء مؤثرات لكنهن لسنَ في مواضع صنع القرار، وتختتم حديثها بالقول: “بالحديث عن الأثر الحقيقي، هناك نساء أثبتن وجودهن في الجانب الاقتصادي والأمني وكذا السياسي، وهناك شابات طموحات. بصراحة، المجتمع فقدَ ثقته بالرجل لأنه صانع الحرب. لذا، يظل الأمل بالمرأة لإحلال السلام؛ لأن لديها الأمل والطموح”.
وتتفق الأستاذة بَهيّة السقّاف، المدير التنفيذي لمؤسسة سلام لمجتمعات مستدامة، مع سمية الحُسام حول دور المرأة المهم في بناء السلام، والذي كانت بداية المشوار مع انطلاق التوافق النسوي للأمن والسلام في أكتوبر 2015، ثم ظهرت بعده عَدد من المكونات النسوية التي أدّت دورا بارزا في مسارَي السلام الثاني والثالث، لكن رغم ما قدمته، تظلّ غائبة عن المسار الأول، والدليل تمثيلها الشكلي في مفاوضات الكويت وستوكهولم. وتضيف: “وكانت حكومة الشرعية مخيّبة للآمال أيضا بتمثيل صِفريّ للمرأة في مشاورات الرياض الأخيرة”. وتُكمل السقاف بنبرة يملؤها الأمل: “رغم التمثيل الضعيف للمرأة، نظلّ مدافعات عن السلام، وما زلنا نناضل من أجل إحلال السلام، ولا يمكن أن نكون تَكملة عدد. نعم، دورنا ضعيف، لكننا سنفرض وجودنا وسيظهر ذلك جليا عندما تعود حوارات السلام”.
تقول الزميلة هدى حَرْبي وهي صحفية: “هناك ناشطات على الساحة يحاولن إيصال صوت المرأة، لكن دورهن ضعيف، والسبب يعود لتهميش المرأة خصوصا في وجود ثقافة ذكورية لا تعترف بوجود المرأة. والملاحظ في الفترة الأخيرة وجود نشاطات وفعاليات وندوات لها حضور ملفت، لكنه حضور شكلي، ولا دور له فعليا في رسم خطوط السلام في بلد أنهكته الصراعات”، وترجّح حَرْبي السبب إلى أن بعض المنظمات تستغلّ وجود المرأة فقط ليقال إنها حاضرة، لكن لا دور حقيقيا يُعطى لها؛ لأن المرأة لو أعطيت فرصة حقيقية ستغيّر الواقع، فالنساء صانعات سلام لكن فقط في مجتمع يقدر حقوقها وهذا يحتاج وقتا وجهدا.
وتمتلك سلمى نَهْشَل الناشطة الحقوقية رؤى مختلفة مع مَن سبق، وتبدأ حديثها بالقول: “للأسف، إن وجود المرأة ظاهري في حوارات السلام، لكن المرأة موجودة في مجال حفظ السلام في المبادرات وعلى المستوى المحلي وحتى الأسري، لكن بالنسبة للمشاركة في عملية السلام الرسمية، فالأطراف للآن ترفض وجود المرأة، حتى اللجنة الاستشارية للمبعوث الأممي ليست إلا مكونا صوريا، ففي الواقع لم تكن مشاركة المرأة حقيقية رغم الدور الكبير الذي يفترض أن تؤديه”.
تباينت الآراء حول تقييم دور المرأة صانعةً سلام، لكن الرأي المُلفت هو للشباب، لذا كان رأي مَي، طالبة جامعية، أن أي عملية سلام من دون مشاركة المرأة تظلّ ناقصة، ولن يحل السلام إلا بوجود المرأة إلى جوار الرجل.
ويمكننا تلخيص دور المرأة في صناعة السلام برأي الصحفية بُشرى الغَيلي التي ذكرت أننا منذ اندلاع الحرب في 2015 لم نشاهد على طاولة السلام سوى الوجوه نفسها، فلماذا لا نُعطي فرصة لمزيد من النساء من الداخل ومن العُمق اليمني؟! حينها يكون الدور مؤثرا وفاعلا؛ لأن كل امرأة يمنية هي قضية سلام، وهي أيضا الحل من أجل السلام.