مواد غرفة أخبار الجندر

15
يناير

العنوسة قرار مصيري تتخذه البنت لا المجتمع

 صفاء السداوي

تفضِّل كثير من الفتيات لقب عانس على أن يمرن بتجربة زواج فاشلة وغير متكافئة، فالعنوسة -برأيهن- أكثر رحمة من ممارسة حياة لا تناسبهن.

من بينهن ترى سمية عبد العزيز، 45 سنة، بأن قرارها بأن تبقى عانسًا كان بمحض إرادتها، فالبقاء دون زواج بالنسبة لها أفضل بكثير من ارتباطها بشخص يقلب حياتها من الأمان والهدوء الذي تعيشه مع أبيها وأمها وأخوانها إلى صراع ومشكلات لا تنتهي، تمامًا كما حدث لزميلاتها اللواتي رأت فيهن مشهد البؤس بعد أن ارتبطن بمن لا يكافئهن، فأنجبن أطفالًا، لكنهن أصبحن أكثر قيودًا وأقل حرية.

عنوسة عالية

وتتزايد نسبة العنوسة في اليمن بسبب عوامل كثيرة أوجدتها الحرب الذي تشهدها البلاد منذ 2015م. ففي إحصائية ذكرتها صحافة 24 نت شاهد الحياة اليمنية

أن المجتمعات العربية تعاني من مشكلة العنوسة بشكل كبير، ومن بينها اليمن التي تتراوح فيها نسبة العنوسة من 25٪ إلى 30٪.

وأشارت بعض النتائج إلى ارتفاع حالات الطلاق في عموم المحاكم في اليمن خلال الأعوام السابقة حتى عام 2022م إلى نحو 78 ألف حالة، مما يشير إلى أن نسبة فشل الزواج تصل إلى 20٪.

وكشفت الدراسة أن عدد الفتيات العوانس في سيستمر في الزيادة خلال الأعوام القادمة؛ نظرًا لأسباب نفسية، واجتماعية، واقتصادية لدى الفتيات اللواتي فضَّلن العنوسة على الارتباط بشخص غير مناسب.

ولم تكن سمية الوحيدة التي قررت أن تبقى في دائرة العنوسة , فصفية هي الأخرى اختارت ذلك حيث ترى أن رفضها لفكرة الزواج يعد رفضًا لنظرة المجتمع الذي يرى أن لا مكان للمرأة غير بيت زوجها أو قبرها، وهذه نظرية يتخذها قاصرو الفهم على حد قولها.

 

وتضيف صفية بأنها ترفض فكرة أن المرأة مخلوق عاجز يحتاج إلى المساندة، وتقول صفية :” أنا صنعت حريتي واستقلاليتي بذاتي، درست واجتهدت وتخرجت والآن أعمل في مجال تخصصي، ولطالما نلت من إطراء الناس ومديحهم الشيء الكثير، لكن يصر البعض على تعكير مزاجي بسؤال: لماذا لم تتزوجي حتى الآن فاللواتي في سنك سيفوتهم قطار الزواج مما يسهم في تقليل نسبة الأمومة، ولكن ردي لهم في كل مرة أن يفوتني القطار أفضل من أن (يدوسني) واللواتي أنجبن ماذا صنعوا لهن أولادهن؟!

 

فقصص الطلاق كثيرة في أروقة المحاكم، وقصص عصيان الأولاد توشك أن تكون أكثر. لذا من حقي أن أعيش الحياة التي أفضلها وأكون مستقلة بذاتي”

من حق الفتاة أن تحدد مصيرها دون الخضوع لرأي المجتمع، فالمرأة تمر بتغيرات نفسية لا يستطيع أحد فهمها، وعندما ترفض الزواج وترى أن حياة العزوبية أفضل، فإنما يعود ذلك لحصولها على الحرية في عدم ارتباطها بمسؤولية وأطفال تقيد نشاطها وما تسعى له، كذلك الكثير من الفتيات يتأخر بهن الزواج لأنهن لم يجدن الأشخاص المناسبين الذين يكملون الناقص حتى لا يقعن في زواج فاشل نهايته الطلاق والحسرة. فالفتاة اليوم غير الفتاة بالأمس، أصبحت ذات قرار صائب وربان سفينة يقود حياتها الى بر الامان دون الاستعانة بأي رجل وليست تابعة أو خاضعة لمجتمع ذكوري متطرف، ولكن هناك الكثير ممن يؤيد قرار الفتاة واتخاذ مصيرها  فالكثير من الدراسات أكدت بأن اختيار الفتاة للعنوسة بمحض إرادتها دليل على نُضْج تفكيرها وعقليتها السليمة وأنها ليست محتاجة لأي شخص يحدد مصيرها، أو يتكلم بالنيابة عنها، فهي قد مارست الحياة من كل الجوانب وشاهدت تجارب كثيرة أوصلتها إلى قرارها برفض فكرة الزواج والبقاء دون زوج، أو مسؤولية تزيد من معاناتها، وبالفعل، كثير من النساء أثبتن أنهن فاعلات في المجتمع،  وصانعات قرار، وسيدات أعمال مجتمعية ناجحة، ولم يعد يرى الرجل  أن المرأة التي لم تتزوج بأنها فاشلة اجتماعيًّا ولم تحظَ باهتمام الرجال، وتم تغيير نظريتهم وتعبيرهم بأن مصير المرأة ينحصر بين بيت الزوج والقبر.

 

تم إنتاج هذه المادة ضمن غرفة أخبار الجندر الذي تنفذه مؤسسة ميديا ساك للإعلام والتنمية.

 

 

اشترك

اشترك في قائمتنا البريدية