
أمون باعكيم | صوت حضرموت الخالد في الأعراس النسائية
في مدينة المكلا، نشأت أمون باعكيم، وتشبعت منذ صغرها بالأغاني الشعبية والأهازيج التي كانت تُردد في الأعراس والمناسبات المحلية. عرفت بين سكان المدينة بجمال صوتها وقوة حضورها في المناسبات الاجتماعية. ترعرعت في بيئة تحترم الفن وتعشق الأصالة، حيث كانت الموسيقى والغناء جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية لديهم.
كان للفنانة أمون باعكيم مشروع ثقافي وطني، عملت فيه على توثيق الأغاني الشعبية ونقلها إلى الأجيال القادمة، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من الموروث الثقافي للمنطقة. ولهذا، نجدها تتمتع بشعبية واسعة واحترام كبير في المجتمع، حيث يُعتبر حضورها في حفلات الأعراس علامة على نجاح الحفل وتضفي طابعًا خاصًا عليه بفضل أدائها المميز وتفاعلها الإيجابي مع الحضور.وهي بذلك تكون الشخصية المحورية في الحفاظ على الأهازيج الشعبية النسائية وتعزيز التراث الثقافي في مدينة المكلا وحضرموت بشكل عام.
على أن حضور الفنانة أمون باعكيم لم يقتصر على المشاركة في الأعراس، بقدر ما امتد إلى المشاركة في المهرجانات الوطنية. ففي عام 1964م، شاركت الفنانة أمون باعكيم في أوبريت الضحية من تأليف وألحان الشاعر حسين أبو بكر المحضار، يعالج فيه عادة إكراه البنت في البادية على الزواج من ابن عمها، ما يضعها في مواجهة شديدة مع آمالها وأحلامها الشخصية. تنقل الألحان المؤثرة والأداء القوي رسالة واضحة عن أهمية الحرية الشخصية والاختيار، وتعبر عن الصراعات الداخلية والخيارات الصعبة التي يتعين على الفرد اتخاذها. كذلك شاركت الفنانة أمون باعكيم -أيضًا- في أوبريت الشموع العشر، للشاعر المحضار بمناسبة الذكرى العاشرة للاستقلال الوطني 30 نوفمبر 1977م. وقدَّمت فيه الفنانة أمون باعكيم. وصدحت فيه الفنانة أمون: على رغم العدى تحيا بلادي.
لهذا، ستظل الفنانة الشعبية أمون باعكيم أيقونةً خالدة في تاريخ الفن الحضرمي بفضل دورها البارز في الحفاظ على الأهازيج الشعبية وإحيائها. وكيف لا تُخلَّد وهي التي جسدت أصالة المجتمع الحضرمي وثقافته الغنية. وقد تجاوزت إسهاماتها حدود الفن لتكون رمزًا للتراث الحي الذي يتنفس في قلوب محبيها. وسيبقى إرثها الفني حيًا في الذاكرة الجماعية، مخلدًا اسمهَا كشعلة مضيئة في تاريخ الفن الشعبي في حضرموت، ملهمة الأجيال القادمة.