قانون مكافحة الاتجار بالبشر خطوة إيجابية لحماية المرأة اليمنية من العنف والاستغلال
من أخطر انتهاكات الحقوق الإنسانية للمرأة العنف الناتج عن الاتجار بها واستغلالها بشكل مباشر أو غير مباشر وتحويل الإنسان إلى سلعة تباع وتشترى واستغلالها لتحقيق مصالح شخصية لمرتكبي تلك الجرائم، بما فيها وقائع الزواج القسري للمرأة وزواج القاصرات وما نتج عنها ظواهر سلبية، ومنها الزواج السياحي الذي انتشر بشكل خطير في اليمن في العقدين الماضية قبل الحرب؛ إذ كان يحضر أشخاص من خارج اليمن للزواج مقابل مبلغ مالي يُدفع لأسرة المرأة، وينتهي الزواج بمغادرة الزوج أراضي اليمن، وكان البعض لا يقوم بطلاق المرأة وإنهاء عقد الزواج وتظلّ الزوجة معلقة لسنوات، لا متزوجة ولا مطلقة، وقد ينتج عن بعض حالات الزواج السياحي أطفال فيرفض آباؤهم الاعتراف ببنوتهم لهم كما يرفضون حضانتهم والنفقة عليهم.
ويُضاف إلى ذلك ما تتعرض له النازحات من استغلال لظروفهن، بالإضافة إلى تهريب النساء إلى خارج اليمن لاستغلالهن في التسول أو الاستغلال الجنسي للمرأة في جرائم الدعارة خارج اليمن وداخل اليمن، استغلالاً للظروف المعيشية التي تمر بها اليمن بسبب الحرب من انقطاع المرتبات وانهيار الوضع الاقتصادي والنزوح لكثير من النساء من محافظات إلى محافظات أخرى وما تتعرض له المرأة اليمنية من اعتداءات واستغلال للعمل القسري وغيرها من أوجه الاستغلال الذي يعتبر وفقا لقانون مكافحة الاتجار بالبشر ضمن جرائم الاتجار بالبشر.
تتعارض تلك الجرائم مع عادات المجتمع اليمني المنبثقة من الشريعة الإسلامية السمحاء يستوجب ضبط مرتكبيها لحماية المجتمع من هذه الجرائم الخطيرة، وخصوصاً حماية المرأة اليمنية التي تعتبر هي الضحية الأولى فيها.
ولخطورة جرائم الاتجار بالبشر، صدرت اتفاقية دولية لمكافحة الاتجار بالبشر، وهي اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظّمة عبر الوطنية والبروتوكولات الملحقة بها، وقد اعتمدتها الجمعية العامة في قرارها 55/25 المؤرخ في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2000 بعنوان: اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية واثنين من البروتوكولات الملحقة بها، وهما: بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، وبروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو. كما خُصّص يوم عالمي للاحتفاء بجهود مكافحة الاتجار بالبشر، ويُسلط الضوء في هذا اليوم على مخاطر هذه الجرائم؛ إذ أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها A/RES/68/192 أن يوم ٣٠ يوليو/ تموز من كل عام بمنزلة لحظة رئيسية للتوعية بحالة ضحايا الاتجار بالبشر ولتعزيز حقوقهم وحمايتهم.
وفي اليمن كان هناك قصور كبير وثغرات واسعة في المنظومة القانونية الوطنية في التعامل مع جرائم الاتجار بالبشر، كان من آثارها جعل الضحية متهمة، وجعل مرتكبي تلك الجرائم يُفلتون من العقاب وغيرها من الاختلالات في التحقيقات والمحاكمة في هذه الجرائم، وكانت المنظومة الوطنية في اليمن لا ترقى إلى مستوى الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحماية المرأة اليمنية من الاستغلال.
ورغم تصديق اليمن على اتفاقية منع الاتجار بالبشر واستلزام العمل بها وموائمة التشريعات وفقاً لها؛ كان الدستور اليمني يعتبر الاتفاقيات الدولية ضمن التشريعات الوطنية وملزم العمل بها، بل إن بعض القانونيين اعتبرها أعلى من التشريع الوطني وترقى إلى مستوى الدستور اليمني.
وقد أوضح الدستور اليمني العمل بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي لحقوق، فقد نصت المــادة (6) على الآتي: “تؤكد الدولة العمل بميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق جامعة الدول العربية وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة”.
ورغم ذلك، هناك في الواقع قصور في وعي الجهات ذات العلاقة بإنفاذ القانون، وفي مقدمتها الأجهزة الأمنية والقضائية التي تتقيد بتطبيق القانون الوطني وترفض إنفاذ الاتفاقيات الدولية. وفي هذا الإطار حصل حراك وطني في اليمن لمكافحة والحد من الاتجار بالبشر منذ حوالي أكثر من خمسة عشر عاما، بدأتها عدد من منظمات المجتمع المدني، وفي مقدمتها المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر ومنظمات حقوقية أخرى للمطالبة بمواءمة التشريعات الوطنية وإصدار قانون وطني لمكافحة الاتجار بالبشر، وتسارع ذلك الحراك الإيجابي عام 2013م، فتلاقت فيها جهود المجتمع المدني ومؤسسات الدولة ذات العلاقة، وفي مقدمتها وزارة حقوق الإنسان ووزارة العدل ومكتب النائب العام ووزارة الداخلية والشؤون القانونية وغيرها من الجهات الرسمية بالتعاون والتنسيق مع منظمات دولية، ومنها منظمة الهجرة العالمية وغيرها من المنظمات الأممية والدولية.
وأثمرت تلك الجهود النشطة إلى إصدار مسوّدة قانون لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر في عام 2013م، وأقر مجلس الوزراء مسودة لقانون وأحيل إلى مجلس النواب، بمعنى أن قانون مكافحة الاتجار بالبشر قانون متوافق عليه قبل الحرب من جميع الأطراف، وكان يفترض إقرار القانون في حينه، ولكن بسبب الظروف التي عاشها اليمن واندلاع الحرب عام 2014م توقف القانون في أدراج مجلس النواب واستمر الحراك الوطني الضاغط من المجتمع المدني، خصوصاً من المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر المتخصصة في مكافحة جرائم الاتجار بالبشر وغيرها من المنظمات الحقوقية الوطنية، وكذا المنظمات الأممية والدولية بالتوافق مع الجهات الرسمية ذات العلاقة، وفي مقدمتها وزارة حقوق الإنسان للضغط لإصدار القانون.
وقد أثمرت تلك الجهود، فقد صدر في تاريخ 11/ يناير/ 2022م القانون رقم 1 لعام 2018 بشأن مكافحة جرائم الاتجار بالبشر، وقد تضمّنت مواده الخمس والأربعون نصوصا قانونية واضحة وصريحة لحماية المرأة اليمنية من الاتجار والاستغلال، وجاء تعريف جرائم الاتجار بشكل واسع ويندرج تحتها جميع وقائع استغلال المرأة اليمنية، فقد نصت على تعريفها الفقرة (أ) المادة (4) من القانون على النحو الآتي:
“يُعدّ مرتكباً لجريمة الاتجار بالبشر كل مَن قام بتطويع أو نقل أو تنقيل أو إيواء أو تسلّم أو تسليم أو استقبال شخص أو أكثر، سواءً داخل الجمهورية أم عبر حدودها الوطنية، بقصد استغلالهم، إذا تم ذلك بواسطة استعمال القوة أو التهديد أو بهما، أو بواسطة القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع، أو إساءة استعمال السلطة، أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة، أو الوعد بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا مقابل الحصول على موافقة شخص على الاتجار بشخص آخر له سيطرة عليه، كما يُعدّ مرتكباً لجريمة الاتجار بالبشر كل مَن أهدى أو باع أو عرض للبيع أو الشراء شخصاً أو أكثر أو وعد بهما”.
وبهذا التعريف الواسع لجرائم الاتجار بالبشر، نلحظ أن القانون وسّع نطاق التجريم بشكل كبير وواسع، وهذا يعني حماية أكبر للضحية في هذه الجرائم، وقد أورد القانون قائمة بجرائم الاتجار بالبشر في الفقرة (ب) من المادة (4) من القانون والتي نصت على الآتي:
“ب-ويشمل الاستغلال: أياً من الأفعال التالية التي تمارس على ضحايا الاتجار بالبشر:
- 1- البغاء واستغلال دعارة الغير.
- 2- سائر أشكال الاستغلال الجنسي.
- 3- السخرة أو الخدمة قسراً.
- 4- الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق.
- 5- الاستعباد.
- 6- أعمال التسول، وخاصةً استغلال امرأة أو طفل فيها.
- 7- نزع عضو أو نسيج بشري.
- 8- إجراء تجربة علمية على شخص.
- 9- استغلال طفل في مواد إباحية.
- 10- استخدام طفل في عملية إرهابية.
- 11- أية صورة أخرى من صور الاستغلال المجرمة قانوناً”.
وقد أورد القانون جميع جرائم الاتجار بالبشر، كما أن البند الأخير من تلك الجرائم جعل القائمة مفتوحة لتشمل أي صور أخرى من الاستغلال المجرمة قانوناً.
وتضمن قانون مكافحة الاتجار بالبشر عددا من النقاط الإيجابية التي تحمي الضحية وأهمها:
- تحديد عمر الطفل وفقا للاتفاقيات العالمية بشكل بصريح بثمانية عشر عاما، وقد نصت على ذلك الفقرة الرابعة من المادة الثانية من القانون على النحو الآتي: “الطفل: كل شخص طبيعي ذكرا كان أم أنثى لم يُتم الثامنة عشر سنة ميلادية كاملة من عمره. ويثبت السن بشهادة الميلاد أو البطاقة الشخصية أو أي مستند رسمي آخر، وفي حالة عدم وجودها يثبت السن بالخبرة الفنية”.
2- النص على تجريم الاستغلال القائم على تصرفات غير قانونية، حتى لو كانت عادات وتقاليد مجتمعية، ومنها الزواج القسري للمرأة وزواج القاصرات حيث نصت الفقرة -12- من المادة 2 من القانون على إدراج الممارسات الشبيهة بالرق ضمن جرائم الاتجار بالبشر التي عرفها القانون بأنها:
“الممارسات غير المشروعة التي تضع شخصا تحت تصرف شخص آخر، كإسار الدين، والقنانة، وأي من الأعراف أو الممارسات التي تسمح بالزواج القسري، أو قيام أحد الأبوين أو كليهما، أو الوصي، بتسليم طفل دون الثامنة عشرة من عمره إلى شخص آخر، لقاء عوض أو بلا عوض، بقصد استغلال الطفل أو استغلال عمله.
– ويقصد بالزواج القسري: تزويج امرأة دون أن تملك حق الرفض، أو طفلة مقابل منفعة أو بدل مالي يدفع لأبويها أو لأحدهما أو للوصي عليها أو لأسرتها أو لأي شخص آخر أو أشخاص لهم ولاية عليها”.
3- التوسع في صفة الضحية:
من أخطر ما تعانيه المرأة اليمنية في جرائم الاستغلال اعتبارها متهمة في كثير من القضايا رغم أنها ضحية بمبررات وثغرات في تلك القضايا، ومنها عدم القبض على المتهم أو عدم معرفته، وهنا تكون المرأة الضحية متهمة في نظر جهات إنفاذ القانون، ويُحتجز كثير من النساء الضحايا ويعتبرن متهمات، فعلى سبيل المثال عند القبض على دار أو مركز دعارة، تستغل فيها المرأة، يُلقى القبض مباشرة على جميع الموجودين في الدار ذكورا وإناثا، ويُحقق معهم بوصفهم متّهمين، ولكن صُحّح هذا المفهوم الخاطئ في قانون مكافحة الاتجار بالبشر، وأصبحت المرأة هنا ضحية استغلال ويُفترض حمايتها، ومن حقها أن تطالب أيضا بالتعويض عن الأضرار التي حصلت عليها نتيجة استغلالها.
وقد نصت المادة (2) الفقرة الثالثة من القانون على تعريف الضحية بأنه:
(( “كل شخص طبيعي، ذكراً كان أم أثني، تعرّض لأي ضرر مادي أو معنوي، ناجم عن إحدى جرائم الاتجار بالبشر المنصوص عليها في هذا القانون، بصرف النظر عما إذا كان مرتكب الجريمة قد عُرفت هويته أو قُبض عليه أو تمت محاكمته أو تمت إدانته”.))
ولم يتوقف القانون في هذه النقطة أيضاً، بل توسّع القانون في مصطلح الضحية في جرائم الاتجار بالبشر، ليشمل أيضا مَن استُغلوا بموافقتهم نتيجة ظروف دفعتهم لهذه الجريمة، فالقانون كان صارما وعدّ موافقة الضحية أو ولي أمره على الجريمة لا يعتد به لتحمل المسؤولية الجنائية والمدنية، وقد نصت المواد (28-29) من القانون على الآتي:
المادة (28):
((“أ-لا يعتد برضا وموافقة الضحية على الاستغلال في أي من جرائم الاتجار بالبشر المنصوص عليها في هذا القانون.
ب-لا يشترط لتحقق جريمة الاتجار بالطفل أو عديم الأهلية استعمال أي وسيلة من وسائل الاستغلال المنصوص عليها في المادة (4) الفقرة (ب) من هذا القانون، ولا يعتد في جميع الأحوال برضاه أو برضا المسؤول عنه أو وليه.))
المادة (29):
((لا يُعد الضحية مسؤولاً مسؤولية جزائية أو مدنية عن أي جريمة من جرائم الاتجار بالبشر متى نشأت أو ارتبطت مباشرة بكونه مجنياً عليه أو ضحية)).
4- الحماية والرعاية لضحايا الاتجار بالبشر والإجراءات اللازم مراعاتها أثناء التحقيق والمحاكمة في جرائم الاتجار بالبشر والتأهيل والدمج المجتمعي للضحايا:
أورد قانون مكافحة الاتجار بالبشر نصوصا إيجابية لا تتوقف عند عقاب مرتكبي الجريمة، بل شملت الحماية والرعاية للضحايا وإعادة تأهيلهم ودمجهم، وأوجبت التحقق من وقوع جريمة الاتجار بالبشر وضحاياها، فقد نصّت المواد (32، 33) على الآتي:
المادة (32):
(( تتخذ السلطات الوطنية المختصة بالتعاون والتنسيق مع الجهات الحكومية وغير الحكومية من نقابات ومؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة التدابير الكفيلة بتوفير الحماية المناسبة للضحايا، وتعمل على تهيئة الظروف المناسبة لمساعدتهم على التعافي الجسدي والنفسي والاجتماعي وإعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع مع مراعاة الحقوق الأساسية والجوانب الإنسانية.))
المادة (33):
(( يجب على السلطات المختصة في جميع مراحل الاستدلال أو التحقيق أو المحاكمة في جرائم الاتجار بالبشر العمل على:
أ- التعرف على الضحية وتصنيفها والوقوف على جنسها وحالتها وهويتها وجنسيتها وعمرها لضمان تقديم الحماية والرعاية الصحية لها، وإبعاد أيادي الجناة عنها.
ب – كفالة حقوق الضحية الآتية:
- 1- الحق في سلامتها الجسدية والنفسية والمعنوية.
- 2- الحق في صون حرمتها الشخصية وهويتها.
- 3- الحق في الحفاظ على سرية المعلومات والبيانات الشخصية المتعلقة بها.
- 4- الحق في تبصيرها بوضعها القانوني وبالإجراءات الإدارية والقانونية والقضائية ذات الصلة وحصولها على المعلومات المتعلقة بها باللغة التي تفهمها.
- 5- الحق في الاستماع إليها وأخذ آرائها ومصالحها بعين الاعتبار في كافة مراحل الإجراءات الجزائية بما لا يخل بحقوق الدفاع.
- 6- الحق في الحصول على المساعدة القانونية، وعلى الأخص الحق في الاستعانة بمحام في مرحلتي التحقيق والمحاكمة، فإذا لم يكن الضحية قد اختار محامياً، وجب على النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال أن تندب له محامياً، طبقاً للقواعد المقررة في قانون الإجراءات الجزائية.
- 7- الحق في توفير العنصر النسائي المتخصص عند إجراء التحقيقات الخاصة بضحايا الاتجار من النساء وفي أماكن احتجازهن ورعايتهن وإيوائهن.))
المادة (38):
(( يجب على الدولة العمل على إعادة دمج الضحايا اليمنيين في المجتمع بتوفير برامج تعليم وتدريب وتأهيل من خلال المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني ذات الصلة.))
5- عدم سقوط الدعاوى الجنائية في جرائم الاتجار بالبشر بالتقادم؛ إذ إن القواعد العامة أن هناك فترة زمنية محدّدة لسقوط الدعاوى الجنائية، ولكن في جرائم الاتجار بالبشر نصّ القانون على عدم سقوطها جنائيا بالتقادم، مهما طالت فترة ارتكاب الجريمة عن تاريخ تقديم الدعوى وبلا فترة زمنية محددة، وقد نصت المادة (44) من القانون على الآتي:
(( لا تنقضي الدعوى الجنائية في جرائم الاتجار بالبشر المنصوص عليها في هذا القانون بمضي المدة.))
6- فتح حساب في البنك المركزي لتقديم المساعدات لضحايا جرائم الاتجار بالبشر، وقد نصت المادة (44) من القانون على الآتي:
((يُنشأ حساب خاص في البنك المركزي لمساعدة ضحايا الاتجار بالبشر لتقديم المساعدات المالية للضحايا ممن لحقت بهم أضرار ناجمة عن أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، ويصدر بتنظيم هذا الحساب وإجراءات الصرف منه والمجالات المستفيدة منه، وموارده ومصادر تمويله، قرار من رئيس مجلس الوزراء، وتؤول حصيلة الغرامات المحكوم بها في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون والأموال والأدوات ووسائل النقل التي يحكم بمصادرتها إلى هذا الحساب. كما يستقبل هذا الحساب المنح والتبرعات والهبات غير المشروطة من الأشخاص والهيئات اليمنية وغير اليمنية، وبما لا يتعارض مع أحكام التشريعات النافذة.))
7- تشديد عقوبات جرائم الاتجار بالبشر وشمولية العقوبة لكل المساهمين فيها شدّد القانون عقوبات جرائم الاتجار بالبشر، ووصلت إلى الحكم بالإعدام في بعض الوقائع، وحدّد عقوبات مشددة لوقائع أخرى وغرامات مالية مرتفعة، وشدّد أيضا من ناحية تحديد الحدّ الأدنى والحدّ الأقصى للعقوبات، وشملت عقوباته جميع المشاركين في الجريمة بشكل مباشر أو غير مباشر والمستفيدين منها، وقد وضّحت تلك العقوبات المشددة في الفصل الثالث من القانون المواد (6، 7، 8، 9، 10، 11، 12، 13، 14، 15، 16) التي نصت على الآتي:
أولا : تشديد العقوبات والحفاظ على حق الضحايا في الأروش والدية والقصاص وتقرير أي عقوبة أشد في أي قانون آخر، وقد نصت المادة (6) على الآتي:
((يُعاقب على جرائم الاتجار بالبشر بالعقوبات المقررة في هذا القانون مع عدم الإخلال بعقوبة الحد أو القصاص أو الدية أو الإرش –إذا كان لذلك مقتض- أو بأي عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر.))
ثانياً: تحديد نص عقابي شامل لجميع وقائع الاتجار بالبشر ما لم يواكبها ظروف مشددة موضحة في المواد التالية في القانون، فتشدد العقوبات كما تم التشديد بتقرير عقوبتين الحبس والغرامة في نفس الوقت مع تحديد الحد الأدنى والأعلى؛ إذ نصت المادة (7) على الآتي:
يُعاقب بالحبس مدّة لا تقل عن خمس سنوات، ولا تزيد على عشر سنوات، وبغرامة لا تقل عن مئة ألف ريال، ولا تزيد على مليون ريال، كل من ارتكب أياً من جرائم الاتجار بالبشر المنصوص عليها في المادة (4) من هذا القانون”.)
ثالثاً: شدد القانون عقوبات جرائم الاتجار البشر في حالات محددة ورفع فترة الحبس والغرامة، فقد نصت المادة (8) على:
(( أ- يُعاقب بالحبس مدّة لا تقل عن سبع سنوات ولا تزيد على خمس عشرة سنة كل من ارتكب جريمة الاتجار بالبشر في أي حالة من الحالات الآتية:
- 1- إذا أنشأ الجاني أو أسّس أو نظم أو أدار أو موّل جماعة إجرامية منظمة هدفها أو من بين أهدافها ارتكاب جرائم الاتجار بالبشر أو تولّى قيادة فيها أو كان أحد أعضائها أو منضما إليها أو دعا للانضمام إليها مع علمه بأغراضها.
- 2- إذا كان الجاني زوجاً للضحية أو أحد أصولها أو فروعها أو ممن له الولاية أو الوصاية عليها أو كان مسؤولا عن ملاحظتها أو تربيتها أو كانت له سلطة عليها.
- 3- إذا كان الجاني موظفاً عاماً أو مكلفاً بخدمة عامة وارتكب الجريمة باستغلال الوظيفة أو الخدمة العامة.
- 4- إذا كان الجاني سبق أن أُدين بجريمة الاتجار بالبشر.
- 5- إذا كانت الضحية من النساء أو الأطفال أو عديمي الأهلية أو من ذوي الإعاقة.
- 6- إذا نتج عن الجريمة إصابة الضحية بعاهة مستدامة كلية أو جزئية أو بمرض لا يُرجى الشفاء منه.
- 7- إذا وقعت الجريمة على أكثر من ضحية.
- 8- إذا ارتكبت الجريمة بطريق الحيلة أو التهديد بالقتل أو بإيقاع أذى جسيم أو تعذيب بدنيّ أو نفسيّ أو باستخدام سلاح أو التهديد باستخدامه.
- 9- إذا ارتكب الجريمة أكثر من شخص أو جماعة إجرامية منظمة.
- 10- إذا كانت الجريمة عابرة للحدود الوطنية.
ب- يُعاقب بنفس العقوبة كل مَن أهدى أو باع أو اشترى أو عرض للبيع أو الشراء شخص أو أكثر.))
رابعاً: تشديد عقوبات جرائم الاتجار بالبشر وصولاً إلى الإعدام في حالة وفاة الضحية ورفع فترة العقوبة إلى عشرين عاما إذا صاحب الجريمة أو تلاها اغتصاب؛ فقد نصت المادة (9) على الآتي:
(( أ-تكون العقوبة الإعدام تعزيراً إذا نتج عن ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون وفاة الضحية.
ب-تكون عقوبة الحبس مدّة لا تقل عن عشر سنوات ولا تزيد على عشرين سنة إذا صاحب جريمة الاتجار بالبشر أو تلاها جريمة اغتصاب.))
خامسا: توسع التجريم والعقاب ليشمل مَن أنشأ دار أو هيّأ أو أدار مكانا لارتكاب الجريمة مع مصادرته بالإضافة إلى تجريم مرتكبي جرائم الاتجار بالبشر عبر المواقع الإلكترونية مع إغلاق الموقع ومصادرة الأموال، فقد نصت المادة (10) على الآتي:
(( يُعاقب بالحبس مُدّة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن مئة ألف ريالا ولا تتجاوز خمسة ملايين ريال كل من:
أ- أنشا أو أعد أو هيّأ أو أدار مكاناً ترتكب فيه أي جريمة من جرائم الاتجار بالبشر أو الأفعال المتصلة بها، ويحكم في جميع الأحوال بغلق المكان مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، كما يحكم بمصادرة الأثاث والمنقولات والأموال وغيرها من الأشياء التي كانت موجودة فيه عند وقوع الجريمة والأموال المتحصلة منها، مع عدم الإخلال بحقوق الغير.
ب- أنشأ أو استخدم موقعاً إلكترونياً أو نشر معلومات على الشبكة المعلوماتية بقصد ارتكاب جريمة من جرائم الاتجار بالبشر مع الحكم بإغلاق الموقع نهائياً ومصادرة الأموال المتحصلة.))
سادساً: تشديد العقوبة وشموليتها لكل مَن هدّد أو قدّم رشوة لتعطيل إجراءات التحقيق والمحاكمة، وكذلك شمولية العقاب للجهات ذات العلاقة بإنفاذ القانون إذا رفضت أو عرقلت تنفيذ أحكامه اعتبرها القانون جريمة يعاقب عليها، فقد نصت المادة (11) على الآتي:
(( يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على خمس سنوات كل من:
1- استعمل القوة أو التهديد أو عرض عطية أو مزية من أي نوع أو وعد بشيء، وذلك لمنع شخص من أداء الشهادة أو لحمل شخص على الإدلاء بشهادة زور أو كتمان أمر من الأمور أو الإدلاء بأقوال أو معلومات غير صحيحة في أي مرحلة من مراحل جمع الاستدلالات أو التحقيق أو المحاكمة في إجراءات تتعلق بارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون.
2- استعمل القوة أو التهديد لمنع أحد القائمين على إنفاذ هذا القانون من أداء مهامه الرسمية أو التأثير عليه فيما يتعلق بمكافحة جرائم الاتجار بالبشر المنصوص عليها في هذا القانون.
- عرقل أو امتنع عن تنفيذ أحكام هذا القانون من القائمين على إنفاذه.))
سابعاً: شدّدت العقوبات في القانون لتشمل كل مَن أخفى مستندات ذات علاقة بالجريمة أو أخفى مبالغ متحصلة منها أو متهمين أو تلاعب بمسرح الجريمة، فقد نصت المواد (12-13) على الآتي:
المادة (12):
(( يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على أربع سنوات وبالغرامة التي لا تقل على مئة ألف ريال ولا تزيد على مليون ريال كل مَن احتجز أو أخفى أو حاز بدون مسوّغ قانوني أو أتلف وثيقة سفر أو إقامة أو أي هوية تخص أحد ضحايا جرائم الاتجار بالبشر.))
المادة (13):
(( يُعاقب بالحبس مدّة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات وبالغرامة التي لا تقل عن مئتي ألف ريال ولا تزيد على مليوني ريال كل مَن أخفى أحد الجناة أو الأشياء أو الأموال المتحصلة من أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، أو تعامل فيها أو أخفى أي مِن معالم الجريمة أو أدواتها مع علمه بأن ذلك متعلق بجريمة من جرائم الاتجار بالبشر، ولا يسري حكم هذه المادة على من أخفى زوجه أو أحد أصوله أو فروعه.))
ثامناً: تشديد العقوبة لتشمل أيضا مَن أفصح وكشف هوية الضحية أو الشاهد أو سهل اتصال الجناة به أو بمعلومات عن الضحية، وقد نصت المادة (14) على الآتي:
(( يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على خمس سنوات كل مَن أفصح بأي وسيلة عن معلومات تكشف هوية الضحية أو الشاهد بما يعرضه للخطر، أو يصيبه بضرر أو سهل اتصال الجناة به أو أمده بمعلومات غير صحيحة عن حقوقه القانونية أدت إلى الإضرار به.))
تاسعاً: تشديد العقوبة لتشمل المحرضين عليها وعقابهم بنفس عقوبة مرتكبي الجريمة بالإضافة إلى عقوبة الشروع في الجريمة؛ فقد نصّت المادة (15) على الآتي:
(( 1- يُعاقب بالعقوبة المقرّرة للجريمة المرتكبة كل مَن حرّض بأي وسيلة على ارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، وإذا لم يترتب على التحريض أي ضرر يُعاقب المحرض بالحبس مدّة لا تزيد على سنتين.
2- يُعاقب بالعقوبة المقرّرة للجريمة المرتكبة كل مَن يعد شريكاً في أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون.
3-. يُعاقب على الشروع في جرائم الاتجار بالبشر طبقاً للأحكام العامة الواردة في قانون الجرائم والعقوبات.))
عاشراً: تشديد العقوبة لتشمل المستفيدين من جرائم الاتجار بالبشر حتى لو لم يكونوا من مرتكبيها؛ فقد نصت المادة (16) على الآتي:
(( يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة مالية لا تقل عن مئتي ألف ريال ولا تزيد على خمس مئة ألف ريال كل من يستفيد أو يجني ربحاً أو منفعة من أعمال أو خدمات تقدم من أحد ضحايا الاتجار بالبشر وتشكل إحدى حالات الاستغلال الواردة في هذا القانون، مع علمه بذلك، ما لم يكن المستفيد مرتكباً لجريمة الاتجار أو مساهماً أو شريكاً فيها.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة مالية لا تقل عن ثلاث مئة ألف ريالا ولا تزيد على مليون ريال إذا كان الضحية طفلاً أو امرأة.))
ومنذ صدور القانون في عام 2018م، يطالب الناشطون الحقوقيون والمنظمات المحلية والدولية والجهات ذات العلاقة بإنفاذ القانون وتطبيقه على الواقع باعتباره إضافة إيجابية لحماية المرأة من الاستغلال أو الاتجار بها.
وفي هذا السياق، أوضح الأستاذ فاضل حسن الهجري مدير تحرير صحيفة وموقع القضائية الصادرة عن مجلس القضاء الأعلى في صنعاء قائلا: “برأيي يجب أن تكون الحماية بالنسبة للمرأة متجسّدة في الواقع العملي، ولا يمكن الاكتفاء بتسطير نصوص على الورق”. وأشار إلى أن مكافحة الاتجار بالبشر تبدأ من مواجهة الفقر، فإذا أمن الناس الجوع وأمنوا الخوف من المستقبل، فلن يجد تجار البشر أي ضحايا يستطيعون استغلالهم سواء ببيع أعضائهم أم استعبادهم أم استغلالهم جنسيا؛ لأن الدولة التي تستطيع حماية أفرادها من الجوع والفقر قادرة على إلحاق كل فرد فيها بمؤسسات التعليم وقادرة على تأهيلهم وتمكينهم من الحصول على الفرص الوظيفية أو ممارسة مهنة تغنيهم عن ضروريات العيش وحاجيات الحياة.
بدوره أوضح الأستاذ علي ناصر علي الجلعي رئيس المنظمة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر- اليمن أن القانون تكلّم عن الضحايا وحمايتهم قد يكون الضحية ذكرا أو أنثى، وقد أوضح القانون حماية المرأة في المادة رقم 2 الفقرة رقم 12 الممارسات الشبيهة بالرق، واعتبر الزواج القسري جريمة يعاقب عليها القانون سواء عندما تكون طفلة أم رافضة للزواج، وأشار إلى أن القانون يتواءم مع البروتوكول الدولي الخاص بمنع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وخصوصا الاتجار بالنساء والأطفال، وكذلك المادة الثالثة التي تجرّم استغلال المرأة في الدعارة واشتمل الفصل الخامس على التعاون الدولي في جرائم الاتجار بالبشر، كما أنه أثناء إعداد القانون تم تدريب بعض من جهات إنفاذ القانون والبرلمانيين على القانون من قبل خبراء من الأمم المتحدة، وأشارت المادة الثالثة والثلاثين الفقرة السابعة إلى توفير العنصر النسائي في التحقيق مع النساء وأماكن احتجازهن وأن الجهود التي بذلت كانت كبيرة جدا بدءا من المجتمع المدني ممثلا بالمؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر الذي طالبت أولا بالاعتراف بوجود جرائم الاتجار بالبشر، ومن ثم المطالبة بسن قانون لمكافحة الاتجار بالبشر، وكذلك المنظمات الدولية العاملة في اليمن وهي جهود تكاملية، وكذلك جهود شخصية من قيادات حكومية في وزارة العدل كما أوضح أن القانون أصبح ساري النفاذ في جهات إنفاذ القانون من تاريخ المصادقة وإقراره من قبل رئيس الجمهورية منذ تاريخ صدوره، ولكن معيقات تنفيذه هي عدم فهم جهات إنفاذ القانون للقانون، فهم بحاجة إلى دورات تدريبية على القانون والتوعية بوجود القانون أغلبية العاملين في سلك القضاء وأجهزة الشرطة لا يعرفون بوجود قانون مكافحة الاتجار بالبشر، نحتاج التوعية القانونية أولا.
وأكد الأستاذ علي الجلعي على أهمية التوعية القانونية لجهات إنفاذ القانون بوجود القانون وأنه أصبح ساري المفعول تدريب جهات إنفاذ القانون على تطبيق القانون ويحتاجون إلى تدريبات مكثفة لتكييف جرائم الاتجار بالبشر بالتكييف القانوني حتى لا يحصل خلط بين الجرائم الجنائية أو الانتهاكات، وأشار إلى أن قانون مكافحة الاتجار بالبشر حفظ للمرأة كامل حقوقها فهي الأكثر عرضة للمتاجرة، واشتمل القانون على خمسة فصول: الأول التسمية والتعاريف، وعرف كل بند وهو مميز عن كل القوانين العربية في تفصيلاته ودقته في كل الجوانب واعتبر الضحية التي تقع ضمن الاتجار بريئة ووقف إلى صفها، وإذا كان هناك قصور في القانون فسيتم تلافيها، وسيكون هناك تعديلات توائم البيئة وتواكب جرائم الاتجار بالبشر لأنها في تطور، وأصبحت العصابات الدولية تستخدم التكنلوجيا الحديثة ووسائل الإعلام والاتصالات في تصيّد الضحايا والإيقاع بها. بالنسبة لدور المؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، فهي الصوت الأول الذي ظهر على الملأ ضد هذه الجريمة وناضلت المؤسسة بكادرها ومن ينتمي إليها بقوة وصلابة في هذه القضية الإنسانية وبالشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني ومراكز الدراسات والأبحاث التي أسهمت في ذلك. كانت مطالب المؤسسة الاعتراف بوجود الظاهرة كون الجانب الرسمي الحكومي لم يعترف بوجود هذه الظاهرة رغم تفشيها، وقد وُضعت اليمن في القائمة السوداء في التقارير الدولية ذات الصلة، وبعد عمل المؤسسة ووفقا لقانون المؤسسات والجمعيات الأهلية رقم 1 لعام 2001م ومارست نشاطها بالمطالبة الحكومة بالاعتراف بهذه الظاهرة عبر الحملات الإعلامية والندوات وورش العمل حتى تحقق المراد في 2012م، واعترفت الحكومة بإقامة أول ورشة وطنية لمكافحة الاتجار بالبشر في إطار المؤتمر الوطني الأول لحقوق الإنسان، وقد خرجت الورشة بتوصيات بسن قانون، وهذا كان ضمن الأهداف الرئيسية للمؤسسة وعبر كل ندواتها وورش العمل التي أقامتها سن قانون لمكافحة الاتجار بالبشر وتشكيل هيئة حكومية لمكافحة الاتجار بالبشر وإنشاء أقسام وإدارات في الوزارات ذات العلاقة، في الوقت نفسه شكلت لجنة للتشريعات من قبل الحكومة وبمعاونة المنظمات الدولية كالمنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، وكذلك شكلت لجنة مصغرة في وزارة العدل لمكافحة الاتجار بالبشر مهمتها إعداد القانون أو عمل مشروع، لكن لم تكن معلنة، وشُكّلت لجنة فنية وطنية لمكافحة الاتجار بالبشر من قبل رئيس الوزراء آنذاك محمد سالم باسندوة، ترأستها وزيرة حقوق الإنسان حورية مشهور، ضمت الجهات الحكومية ذات الاختصاص وممثلا للمجتمع المدني، وجمعت كل الجهود لجنة وزارة العدل وفريق التشريعات الوطني واللجنة الفنية الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، وشكل فريقان: فريق التشريعات وفريق لإعداد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، ونوقشت مشاريع القوانين التي تقدمت بها الجهات المختصة، وأُعد مشروع قانون وطني ملائم للبروتوكول الدولي وللقانون العربي الاسترشادي لمكافحة الاتجار بالبشر، وحضر خبراء من جامعة الدول العربية ومن الأمم المتحدة، وتم الاطلاع على المشروع حتى استكمل، وتقدمت به وزارة العدل إلى مجلس النواب كونها الجهة المعنية الأقرب، ونُوقش في مجلس النواب، وصُوّت عليه بعد أن جرت مناقشته مادة مادة ومراجعته من لجنة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية، وصدر القانون في وقت قياسي وحرج وتجربة لا مثيل لها أسوة بالدول العربية، وأشاد بذلك خبراء الجامعة العربية والأمم المتحدة، وأشار إلى أن أكثر ظاهرة لدينا في قضايا الاتجار بالبشر هي تجارة الأعضاء البشرية، وللأسف لا توجد لدينا قاعدة بيانات حقيقية إنما أرقام مجمعة عبر تجميع معلومات عشوائية، ونحتاج إلى عمل رصد ميداني وواقعي لهذه الحالات، وستعمل المؤسسة مع اللجنة الوطنية والمنظمات الدولية العاملة في بلادنا على تنفيذه في أقرب وقت ممكن.
كما أوضح المحامي والناشط الحقوقي خالد الكمال بأنه باطلاعه على النصوص القانونية المذكورة في قانون جرائم مكافحة الاتجار بالبشر الذي حدد عقوبات رادعة لها فلا بأس، وأنه يتمنى تشديد العقوبات بخصوص الاستغلال والاغتصاب، ومن أمثلة ذلك أن عقوبة الاغتصاب في بعض الدول الأوربية والأمريكية أشد من العقوبة المذكورة في القانون رقم 1 لعام 2018م، كما نوه إلى أن صدور القانون جاء وفقاً لتوصية مؤتمر الحوار الوطني، وأوضح أن هناك صعوبات تعيق تطبيق القانون، ومنها زواج القاصرات؛ إذ لم تحدد القوانين اليمنية صراحة عمرا معينا للزواج، على حد علمنا أيضا لم نجد حكما قضائيا واحدا حكم على أب بالحبس بسبب تزويج ابنته القاصر.
واقترح معالجات وحلولا لتفعيل القانون وحماية المرأة اليمنية من الاستغلال أو الاتجار بالبشر، وتتمثل في تثقيف المجتمع عن طريق الإعلام والصحافة وعمل ورش للقضاة والحقوقيين ومناقشة القضايا الخاصة بالسخرة والرق والاسترقاق والزواج المبكر والاستغلال الجنسي للمرأة والطفل وموضوع التسوّل ووجود الحلول المناسبة لها وتشديد الرقابة والعقوبة على زرع الأعضاء.
وفي نهاية هذا التقرير الحقوقي نؤكد أن الحراك المدني من منظمات المجتمع المدني الوطنية والدولية وكذلك الجهات ذات العلاقة، وفي مقدمتها وزارة حقوق الإنسان ووزارة العدل وغيرها من الوزارات والجهات ما زالت مستمرة في نشاطها لإنفاذ قانون مكافحة الاتجار بالبشر الذي يحمي المرأة اليمنية من العنف والاستغلال، خصوصا في ظل هذا الوضع الصعب الذي تمر بها اليمن، وكانت هناك خطوات سلبية لتفريغ وتعطيل القانون وحرفه عن مساره بمحاولات سلبية لإصدار لائحة تنفيذية للقانون تتعارض مع القانون، وكان لوزارة حقوق الإنسان دور إيجابي لتصحيح مسار اللائحة التنفيذية لتتوافق مع القانون، ونحن ننتظر صدورها، كما نأمل من المنظمات الدولية تركيز بعض جهودها لتنفيذ ورشات عمل ودورات تدريب وأدلة تعريفية للقانون وحملات إعلامية للتعريف بالقانون وتوضيحه. ونأمل من جميع الجهات الرسمية إنفاذ القانون في جميع أرجاء الوطن باعتباره نقطة إيجابية وفارقة لحماية حقوق الإنسان وحرياته ومتوافق على مسودة القانون قبل الحرب من جميع الأطراف.