مواد غرفة أخبار الجندر

08
أكتوبر

نازحة تصنع التغيير في حياة النساء والفتيات الريفيات

 ياسمين الصلوي

في عام 2015، نزحت فاطمة الحريبي من مدينة تعز إلى قرية حجامة في عزلة الضعة بمديرية الصلو في محافظة تعز، مع ابنتيها هيا وصبا. قبل النزوح، كانت فاطمة قد انفصلت عن زوجها وتحملت مسئولية الاعتناء بابنتيها.

لم تستسلم فاطمة لعقبات الحياة التي واجهتها لكونها مطلقة ونازحة، بل ازدادت عزيمة وقوة لمواجهة مرارة الحياة  بصبر وعزيمة. خلال مدة بقائها في القرية، تقاسمت فاطمة مع نساء قريتها معاناة الحياة في الريف، وشاركتهن خدمة الأرض، وصاحبتهن أثناء ذهابهن إلى إلى المدرجات الزراعية، وحملت الزرع والحطب والسنابل والمياه. كانت فاطمة تسمع الكثير من نقاشاتهن، وعرفت العديد من طموحاتهن وتطلعاتهن ورغبتهن في العلم وتطوير قدراتهن في مجالات عديدة تساعدهن على مواجهة أعباء الحياة.

بدأت فاطمة بالتفكير في إيجاد وسيلة تسهم في تحقيق أحلام وطموحات العديد من نساء وفتيات الريف في مديرية الصلو. قررت إنشاء معهد لتدريب وتعليم وتأهيل الفتيات في قرية حجامة والقرى المجاورة، لتتحول فاطمة من نازحة إلى امرأة تقود وتصنع التغيير في المجتمع.

في حديثها لـ “المشاهد”، تقول فاطمة: “بعت ما بحوزتي من مجوهرات وجمعت ما كنت أملك من مال، واقترضت مبلغ من شقيقي، وبالفعل استطعت بناء معهد (Non Stop)  ليكون أول مركز تدريبي في المديرية وحافزًا كبيرًا لنساء عزل وقرى الصلو. لقد كان الذهاب إلى المدن من أجل التعليم والتدريب عائقًا بينهن وبين أحلامهن.”

والتحقت الكثير من النساء في العديد من البرامج التدريبية منها الحاسوب، وتعلم الإنجليزية، والكوافير، والنقش على الكفوف، والخياطة وغيرها.

جهود مثمرة

خلال خمس سنوات، وضعت فاطمة بصمة في حياة العديد من النساء اللواتي انطلقن لتحقيق أحلامهن بعد التدريب والدراسة في المعهد. بشرى الحريبي، ربة بيت في قرية حجامة، التحقت بدورات تدريب الخياطة، ثم بدأت بتجهيز الملابس النسائية في منزلها.

تقول بشرى: “فكرة فاطمة في إقامة هذا المركز كانت خطوة عظيمة في خدمة النساء والفتيات في الريف، بخاصة أن بعضهن يجدن صعوبة في الذهاب إلى المدينة لتعلم المهارات الحياتية التي تمكنهن من امتلاك مشاريعهن الخاصة، وتحقيق الاستقلالية المالية وإعالة أسرهن.”

تضيف: “كنت أحب مهنة الخياطة، ولدي رغبة كبيرة في التعلم إلا أن الظروف التي كنت أمر بها لم تساعدني على الالتحاق بمركز تدريب في المدينة، ووجود هذا المعهد في القرية أسعدني كثيرًا، لأنه قريب من منازلنا، ولا يتطلب الوصول إليه وقتًا وجهدًا.”

ترى سالي قائد، إحدى فتيات قرية المقاطرة في مديرية الصلو، أن وجود معهد تدريب في المديرية يعد فرصة ذهبية لتحقيق حلمها في تعلم اللغة الإنجليزية واستخدام الحاسوب. في حديثها لـ “المشاهد”، تقول سالي: “بعد تخرجي من الثانوية العامة، كنت أطمح في تعلم اللغة الإنجليزية، لكن مع عدم وجود معهد تدريب في المديرية شعرت بأن الحلم مستحيل.”

تتابع: “حين سمعت عن إنشاء معهد في قرية حجامة، فرحت كثيرًا واستطعت الالتحاق بدورة تدريبية في مجال تعلم الإنجليزية والتحقت بدورة تدريب معلمين، وأفادتني كثيرًا كوني أعمل معلمة متطوعة في إحدى المدارس الحكومية في المنطقة والتحقت بدورة تعلم الحاسوب.”

تحديات

منذ الأيام الأولى من محاولاتها لإنشاء معهد في ريف مديرية الصلو بتعز، واجهت فاطمة تحديات عدة عند تنفيذ فكرة إنشاء المعهد، أبرزها عدم إيمان المجتمع بها، والسخرية والاستهزاء من قبل بعض الأشخاص في منطقتها.

والتحدي الآخر هو عدم حصولها على الدعم المادي بعد أن باعت كلما تمتلكه من مال ومجوهرات لإنشاء المعهد، ولم تجد مبنًى للإيجار في القرية، وكان لا بد من إنشاء مبنى جديد.

تشير فاطمة إلى أن والدتها كانت الداعم الأساسي لفكرتها، فقد كانت تشجعها على إنشاء المعهد وتخبرها باستمرار بأنه مشروع تنموي وخيري، وسيسهم في خدمة المديرية على الرغم من أن والدتها غير متعلمة.

تقول بشرى: “فكرة فاطمة في إقامة هذا المركز كانت خطوة عظيمة في خدمة النساء والفتيات في الريف، بخاصة أن بعضهن يجدن صعوبة في الذهاب إلى المدينة لتعلم المهارات الحياتية التي تمكنهن من امتلاك مشاريعهن الخاصة، وتحقيق الاستقلالية المالية وإعالة أسرهن.”

تشجيع رسمي

عبد الجليل غرسان، مدير مديرية الصلو، أشاد بنشاط فاطمة ودورها في خدمة المديرية، ووجهه العديد من المنظمات بتنفيذ أنشطتها التدريبية في المعهد بدلًا عن إقامتها في مدينة تعز.

يقول عبد الجليل لـ “المشاهد”: “تم تعين فاطمة الحريبي مسئولة في إدارة تنمية المرأة في المديرية، كونها امرأة استطاعت أن تحدث تنمية في المديرية بجهودها الخاصة، وهذا تمكين هي تستحقه نظرًا لنشاطها في خدمة المرأة الريفية.”

يؤكد عبد الجليل أن المركز استطاع تمكين الفتيات من الالتحاق بالتخصصات التي تتطلب اختبارات قبول في الجامعة، بالإضافة إلى القضاء على أمية الحاسوب لدى العديد من الفتيات والشباب، وإتاحة الفرصة لهم لتعلم اللغة الإنجليزية.

تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع غرفة أخبار الجندر اليمنية الذي تنفذه مؤسسة ميديا ساك للإعلام والتنمية.

اشترك

اشترك في قائمتنا البريدية