مواد غرفة أخبار الجندر

02
سبتمبر

نساء يصنعن السلام في أرياف تعز

 نورا فهد

من منازلهن الريفية إلى صالات المفاوضات، انتقل كلٌّ من ليلى الرباصي وفائدة الصلوي وحنين الزكري، ليصبحن وسيطات مجتمعيات في أرياف محافظة تعز.

من خلال حلهن العديد من النزاعات التي طال أمدها.

كلٌّ بقصتها الملهمة، أثبتت أن المرأة اليمنية وتحديدًا الريفية، قادرةٌ رغم التحديات والحواجز التي تقف أمامها .

بدءًا بالعادات والتقاليد ووصولًا إلى الظروف الصعبة، على أن تكون صانعة تغيير وسلام رغم عيشها في بلد يشهد صراع منذ أعوام.

وساطات ناجحة

عملت الوسيطة المجتمعية ليلى الرباصي، وهي عضو في شبكة وسيطات تعز، على حل عدة قضايا .

ونزاعات في عُزل مديرية الشمايتين جنوبي محافظة تعز.

ففي عزلة الرجاعية، تمكنت الرباصي ضمن فريق الوسطاء المحليين، من حل عرقلة مشروع مياه سمدان الذي يزود كافة قُرى العزلة بالمياه، وذلك من خلال اصلاح الشبكة المعطلة.

و نجحت الرباصي في حل خلاف قائم على أرض في منطقة الجيار تربط بين عزلة ذبحان في مديرية الشمايتين ومديرية المواسط، حيث رفض مالك الأرض التنازل عن أرضه لإنشاء طريق من شأنها تسهيل عملية تنقل السكان بين المنطقتين، وبعد جهود مضنية في الحوار مع الأهالي ومالك الأرض تم التوصل إلى اتفاق يقضي بتنازل المالك عن أرضه مقابل تعويض مادي مقدم من الأهالي.

وفي عزلة دبع الخارج التابعة لمديرية الشمايتين برزت الوسيطة المجتمعية فائدة الصلوي بمشاركاتها الفاعلة في مجال الوساطة المجتمعية وبناء السلام حيث تمكنت من خلال مشاركتها ضمن فريق تابع لمنظمة البحث عن أرضية في حل نزاع قائم بين إدارة مشروع المياه بمديرية المواسط ومهمشي قرية هوب عنس بعزلة دبع الخارج، وذلك من خلال تيسير حوار بناء بين الطرفين أدى إلى توصيل شبكة مياه للمهمشين.

حماية النازحين

ولعبت دورًا محوريًا في حماية النازحين والمعدومين في عزلة دبع الخارج، من خلال توصيل احتياجاتهم للمنظمات والمؤسسات الخيرية، وتجنيبهم مشاكل عدة قد تواجههم منها سوء التغذية، والتفكك الأسري، وعمالة الاطفال.

كما كان لقرية الدقم الأعلى بعزلة دبع الخارج مسقط رأس فائدة نصيب من نشاطها، حيث عملت فيها كوسيطة للحد من النزاع المجتمعي، والعنف الأسري، والعنف ضد الأطفال، من خلال إصلاح ذات البين وتقديم النصائح لأطراف النزاع والدعم النفسي للأطفال.

في عزلة دبع الخارج التابعة لمديرية الشمايتين برزت الوسيطة المجتمعية فائدة الصلوي بمشاركاتها الفاعلة في مجال الوساطة المجتمعية وبناء السلام حيث تمكنت من خلال مشاركتها ضمن فريق تابع لمنظمة البحث عن أرضية في حل نزاع قائم بين إدارة مشروع المياه بمديرية المواسط ومهمشي قرية

وعن تجربتها، قالت الصلوي: “أعمل على توعية الأطفال اليتامى وغيرهم ممن يحتاجون لمساعدة ودعم نفسي في المدرسة التي أعمل فيها، مستفيدة من الدورات التدريبية التي حصلت عليها في مجال الدعم النفسي”.

فيما تعمل حاليًّا كوسيطة لحماية الأراضي والمنازل بقرى عزلة دبع الخارج من النزاعات والكوارث الطبيعية كالأمطار والسيول، من خلال رفع هذه المشاكل للمنظمات المعنية لإيجاد حلول لها.

أما حنين الزكري فكانت هي الأخرى وسيطة مجتمعية في مدينة التربة التابعة لمديرية الشمايتين، عملت على حل العديد من النزاعات، أبرزها حل مشكلة سوق الخضرة المتواجد في وسط الأحياء السكنية بمدينة التربة، حيث عملت ضمن فريق مشروع المرأة والسلام التابع لمنظمة البحث عن أرضية مشتركة على نقل السوق إلى مكان آخر مناسب وفتح الطريق الذي كان يشغله السوق والقيام برصفه، ليتخلص سكان الحي من الإزعاج وعرقلة حركة السير التي تسبب بها موقع السوق.

ولم يقتصر عمل الزكري في مجال الوساطة على الجانب المحلي فحسب، حيث تعمل ضمن مشروع تعزيز السلام في اليمن، والذي يهدف إلى تقديم الدعم النفسي لضحايا الحرب إلى جانب جهود الوساطة على مستوى الوطن ككل.

شهادات حية

يتحدث عبدالله الحوباني، أحد المستفيدين من مشاركة الوسطية المجتمعية ليلى الرباصي في إصلاح مشروع مياه سمدان بعزلة الرجاعية عن معاناة أهالي قريته قرية “هدد” من المشكلة قبل حلها، ويقول أن القرية عانت من شحة في المياه، مشيرًا إلى أن مياه المشروع كانت تصل إلى القرية في فترات متقطعة تصل إلى ستة أشهر وذلك نتيجة ضعف في مولد المشروع.

ويضيف أن هذه المشكلة أدت إلى تسرب الفتيات من التعليم بسبب انشغالهن بجلب وتوفير المياه من الآبار منذ ساعات الصباح الأولى وحتى الظهيرة بالإضافة إلى انتشار الأمراض بين الأهالي نتيجة لجوئهم لاستخدام هذه المياه المكشوفة، مستشهدًا ب 6 حالات أصيبت بتلوث الكبد بسبب شربهم من هذه المياه.

عبد الجامع مكرد، أحد سكان حي المحكمة القديمة المجاور لسوق الخضرة بمدينة التربة، يشير إلى أنه قبل نقل السوق كان السكان يعانون من مشاكل عديدة أبرزها انقطاع الطريق المؤدي إلى الحي، مما عطل حركة المرور وعرقل وصول الخدمات الأساسية كوائتات المياه وسيارات الإسعاف والمواد الغذائية، بالإضافة إلى تكدس القمامة، والإزعاج الصادر من مكبرات سوق الخضرة.

لكن، ما إن تمت عملية نقل السوق التي قامت بها الوسطية المجتمعية حنين الزكري ضمن فريقها، يقول عبد الجامع، انحلت كل تلك المشاكل والمعاناة التي كانت تعتري حياتهم يوميًّا.

المرأة الوسيطة في عيون المجتمع

يواجه النشاط المجتمعي للنساء في اليمن صعوبات وتحديات جمة، بما فيها الأمن وفي هذا السياق تقول الوسيطة المجتمعية ليلى الرباصي أن الواقع يشهد ضعف في برامج الحماية للنساء العاملات بمجال الوساطة وبناء السلام، ما قد يجعل من عملهن في الميدان محفوفًا بالمخاطر، ويدفع بالعديد منهن إلى التردد في الانخراط بهذا المجال.

وفي حين أن العالم يشهد ادوارًا فعالة للنساء ويقدر جهودهن لتطوير مجتمعاتهن لا تزال المرأة اليمنية تعاني من العادات والتقاليد المنتشرة في بعض المناطق خاصة النائية حول مشاركتها في الأعمال المجتمعية.

تقول فائدة الصلوي أن في بدايات عملها في مجال الوساطة شهدت تحديات وعراقيل كبرى نتيجة ثقافة العيب وعدم السماح للمرأة بالعمل في أوساط الرجال

توضح الصلوي تلك التحديات بقولها: “لاقى عملي كوسيطة مجتمعية تختلط بالرجال معارضة شديدة من بعض كبار السن والوجاهات والمشايخ لشعورهم بالنقص، ولطالما وجهت لي عبارات مثل “مكلف (امرأة) بتدخل تحكمنا؟!”، ” هذي ما تستحي تدخل بين الرجال!”.

(تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع غرفة أخبار الجندر اليمنية الذي تنفذه مؤسسة ميديا ساك للإعلام والتنمية)

اشترك

اشترك في قائمتنا البريدية