مواد غرفة أخبار الجندر

01
ديسمبر

الوصول إلى التعليم الإلكتروني: صعوبات تواجهها الفتيات اليمنيات

 لطفي عبيد

في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها اليمن نتيجة للنزاع المستمر، يعاني العديد من فتيات الريف من صعوبة كبيرة في الوصول إلى التعليم الإلكتروني. تقول آمنة (اسم مستعار)، وهي فتاة من إحدى القرى النائية في محافظة حجة: “حتى لو كان لدينا فرصة للدراسة عبر الإنترنت، فإننا نواجه العديد من المشاكل مثل نقص الإنترنت والكهرباء”. هذه هي المعاناة اليومية للكثير من فتيات الريف اليمني اللواتي يسعين للوصول إلى التعليم في ظل غياب البنية التحتية والموارد اللازمة.

نقص البنية التحتية وتحديات الإنترنت

أحد أكبر التحديات التي تواجه فتيات الريف اليمني في الحصول على التعليم الإلكتروني هو نقص البنية التحتية، سواء من حيث الإنترنت أو الكهرباء. تقول فاطمة (17 عامًا)، وهي طالبة من إحدى القرى في محافظة إب: “لا يوجد لدينا إنترنت ثابت في قريتنا، وإذا حاولنا استخدام الإنترنت عبر الهاتف، فإن الخدمة تكون بطيئة جدًا أو غير موجودة أحيانًا”. هذه المشاكل تجعل من الصعب على الفتيات المشاركة في الدروس الإلكترونية أو متابعة المحتوى التعليمي بشكل فعال. بالإضافة إلى ذلك، تعاني معظم المناطق الريفية من انقطاع الكهرباء المتكرر، مما يزيد من صعوبة إتمام الواجبات أو حضور المحاضرات عبر الإنترنت.

العوامل الاقتصادية وتأثيرها على التعليم الإلكتروني

في الريف اليمني، غالبًا ما تكون الأسر فقيرة للغاية ولا تملك القدرة على توفير الأجهزة الإلكترونية اللازمة لتعليم الفتيات. تقول سلمى (18 عامًا) من إحدى قرى محافظة تعز: “أنا لا أملك جهاز كمبيوتر أو هاتف ذكي يمكنني من متابعة الدروس. أحتاج إلى دعم مالي للحصول على جهاز يمكنني من التعلم”. هذه الظروف الاقتصادية تجعل من المستحيل على الكثير من الفتيات الوصول إلى التعليم الإلكتروني، حيث تعد الأجهزة الإلكترونية من الضروريات الأساسية لهذا النوع من التعليم. وعادة ما تكون الأولوية للأسرة في توفير هذه الأجهزة للأبناء الذكور إذا كانت الموارد محدودة.

القيود الثقافية والاجتماعية في التعليم الإلكتروني

تضاف إلى التحديات التقنية والاقتصادية قيود ثقافية واجتماعية تؤثر في قدرة فتيات الريف على المشاركة في التعليم الإلكتروني. تقول مريم (16 عامًا) من ريف محافظة الحديدة: “في كثير من الأحيان، لا يُسمح لنا باستخدام الهواتف الذكية لأغراض التعليم، لأن العادات والتقاليد في قريتنا تحظر على الفتيات استخدام التكنولوجيا بشكل مفرط”. هذه القيود الاجتماعية تضع عقبات إضافية أمام الفتيات في الريف، حيث يُنظر إلى التعليم الإلكتروني على أنه نشاط غير تقليدي يتطلب تغييرًا في المفاهيم الاجتماعية التي تحد من مشاركة الفتيات في الأنشطة التعليمية التي تعتمد على التكنولوجيا.

ضعف الدعم التعليمي والإرشادي في المناطق الريفية

إضافة إلى الصعوبات التقنية والاجتماعية، يواجه الكثير من فتيات الريف اليمني نقصًا في الدعم التعليمي والإرشادي اللازم لاستخدام التعليم الإلكتروني. تقول هالة (17 عامًا) من محافظة الضالع: “رغم وجود بعض الدورات التعليمية عبر الإنترنت، إلا أننا لا نملك الدعم الكافي من المدارس أو المعلمين لمساعدتنا في تعلم كيفية استخدام التكنولوجيا والتعامل مع المنصات الإلكترونية”. نقص الإرشاد والمساعدة يعقد قدرة الفتيات على التكيف مع نظم التعليم الإلكتروني، ويزيد من حاجتهن إلى تدريب وتوجيه من قبل المعلمين أو المؤسسات التعليمية التي تعنى بتقديم التعليم عن بعد.

أثر التعليم الإلكتروني على التعليم الجامعي لفتيات الريف

التعليم الإلكتروني يقدم فرصة للفتيات في المناطق الريفية لمواصلة تعليمهن الجامعي، إلا أن العديد منهن لا يستطعن استغلال هذه الفرصة بسبب التحديات التي تم ذكرها. تقول هند (19 عامًا) وهي طالبة في جامعة صنعاء، لكنها من قرية في محافظة شبوة: “أحتاج إلى الإنترنت للقيام ببحثاتي الجامعية، لكن في قريتي لا يوجد تغطية جيدة، ما يعيقني عن تقديم الواجبات والمشاركة في المحاضرات عن بُعد”. هذه الصعوبات تجعل من المستحيل على فتيات الريف الاستفادة من الفرص التعليمية التي يوفرها التعليم الإلكتروني، مما يحد من قدرتهن على الحصول على تعليم جامعي أو استكمال دراساتهن.

دور المنظمات الإنسانية في تحسين الوضع

رغم التحديات، تسعى بعض المنظمات الإنسانية والمبادرات المجتمعية إلى تقديم الدعم للفتيات في الريف اليمني لتمكينهن من الوصول إلى التعليم الإلكتروني. تقول ريم سعيد، ناشطة في مجال حقوق المرأة والتعليم: “نحن نعمل على توفير الأجهزة الإلكترونية والإنترنت في بعض المناطق الريفية، بالإضافة إلى تدريب الفتيات على كيفية استخدام التكنولوجيا. لكن هناك حاجة ماسة لدعم أكبر من الحكومة والمنظمات الدولية”. هذه الجهود لا تزال غير كافية في ضوء الاحتياجات الكبيرة والظروف الصعبة التي يواجهنها.

التغيير المطلوب لتعزيز الوصول إلى التعليم الإلكتروني

من أجل تحسين وصول فتيات الريف اليمني إلى التعليم الإلكتروني، يجب أن تضافر الجهود لتوفير بنية تحتية ملائمة، بما في ذلك الإنترنت والكهرباء، وتوفير الأجهزة الإلكترونية للفتيات في المناطق الريفية. بالإضافة إلى ذلك، من المهم تقديم الدعم النفسي والإرشادي لمساعدة الفتيات على التكيف مع أنظمة التعليم الإلكتروني. تقول مروة (18 عامًا) من محافظة الجوف: “إذا توفرت لنا الأدوات والفرص، سنتمكن من تحقيق أحلامنا وتغيير حياتنا من خلال التعليم”.

وتواجه فتيات الريف اليمني صعوبات عديدة في الوصول إلى التعليم الإلكتروني، بدءًا من نقص البنية التحتية ومرورًا بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية. إلا أن هناك أملًا في أن تساهم الجهود المشتركة بين الحكومة والمنظمات الإنسانية في تحسين هذه الظروف، وبالتالي تمكين الفتيات في المناطق الريفية من الحصول على التعليم الذي يستحقنه، والذي سيساهم في تغيير حياتهن وبناء مستقبل أفضل لهن ولأسرهن.

اشترك

اشترك في قائمتنا البريدية