سُقطريات بين القيود وآمال المستقبل
يوما بعد أخر، تتوسع دائرة المعاناة للمرأة في سقطرى حيث تقبع معظمهن تحت وطأة القيود المجتمعية والتعنيف والتهميش الذي زادت حدته في ظل الصراع القائم في البلاد وفي الحقيقة حال المرأة السقطرية ليس بعيد عن حال اليمنيات بشكل عام، لكن السقطرية نالت الجزء الأكبر من تحمل أعباء البؤس نتيجة العزلة الجغرافية للجزيرة عن باقي المحافظات، وفرضت هذه العزلة الكثير من التعتيم على ما تعاني منه النساء هناك.
هذه العزلة الجغرافية ساهمت في مضاعفة المعاناة للسقطريات وحتمت التقاليد القبلية كسلوك مجتمعي تبلدت فيه على التعنيف والتهميش وتقييد الحريات ومن بين نساء كثيرات في سقطرى تقول أمنة محمد أنها تعيش حبيسة المنزل ومع ذلك يطالها الضرب من أخوها -الذي يصغرها بأعوام- إذا خالفته في التوجه او طلبت منه الأذن في الخروج.
وتضيف” أمنه “: لم أستطع إكمال دراستي الجامعية وتوقفت بعد وفاة أبي لأني منعت من العمل ومن الخروج ومن التعبير عن الرأي، فنحن مقيدات بتقاليد وعادات حرمتنا الكثير مما نستحق.
جهود جديدة
في الأونه الأخيرة بدأت تظهر أصوات النساء بشكل ملموس في سقطرى ظهر ذلك جليا ذلك في أعمال ومشاركات مجتمعية فاعلة للنساء في الجزيرة في المحافظة خلال الأشهر الأخيرة وتمثل ذلك في تزايد النشاط الحرفي والزراعي بالمحافظة من خلال الاهتمام بالأعمال والمبادرات التي تقوم بها السُقطريات ،كما تُفعل دور المرأة بالنشاط السياسي وكان لهذا الحدث وقع كبير في نفوسهن.
وتشير مريم الرجدهي أن المرأة السقطرية عانت بشكل كبير من القيود المجتمعية و التي كانت هي الحاكمة الفعلية للمرأة لذلك يجب اليوم أن تمارس حريتها في المشاركة الفاعلة بالمجتمع في كل المجالات وتؤكد مريم الرجدهي أن تفعيل دور المرأة وإشراكها في كل مجالات الحياة من خلال تصحيح المفاهيم والسلوكيات الخاطئة التي زرعت في المجتمع منذ قرون وتحول دون ذلك، فتقول : نحن بحاجة إلى تأهيل المرأة السقطرية وإشراكها في المجتمع بشكل فعال من خلال إقامة دورات توعوية وتنموية و توعية المجتمع بمدى أهمية المرأة وإشراكها في جوانب الحياة.
وبحسب أخر إحصائية رسمية في سقطرى بلغ عدد السكان حوالي 120000نسمة ، تشكل النساء نحو 59% من إجمالي النسبة ،منها 286 مرأة متعلمة ، و 270 موظفة ،فيما يصل عدد الطالبات إلى 9900 طالبة وتبقى الأخريات من هذه النسبة في طي الحرمان.
ولاتزال المرأة السقطرية تصارع قيود الماضي المتمثل في براثن العيب والإقصاء والتهميش من أجل تحقيق الأحلام المرسومة المتمثلة بالعدالة الاجتماعية والانخراط في كافة مناحي الحياة دون تسلط وفي الأفق بصيص من الأمل في تحقيق ذلك من خلال نماذج أولية نالت النجاح ووعود أخرى قيد الانتظار.
لا توجد في الجزيرة التي تبلغ مساحتها أكثر من 3500 كيلو متر الكثير من منظمات المجتمع المدني التي ترصد وضع المرأة هناك وتساهم في تعزيز دورها المجتمعي هناك , وهنا تتحدث رائدة الأعمال بلقيس راشد أن المجتمع ينظر للمرأة في سقطرى ككائن حي للتكاثر فقط وهذا ينعكس سلبا على دور المرأة في المجتمع، وتضيف بلقيس راشد: “المجتمع ابتدع قيود على المراءة وإرهابها من أبسط حقوقها وينتهز صورتها الداخلية باعتبارها عورة ” وتطالب بتحسين معاملة النساء وإزالة الفوارق العنصرية القائمة على النوع في المجتمع فالتقاليد والعادات التي تتمسك بها بعض الأسر قيدت طموح معظم الفتيات وحرمهن الحق في التعبير والمشاركة السياسية والمجتمعية بل فرضت ضوابط مبالغ فيها في سوق العمل المشترك.
وعلى الرغم من وجود نسبة جيدة من النساء المتعلمات في سقطرى في جوانب عدة إلا أن عملهن يكاد يقتصر على الجانب التربوي في ظل عدم وصولهن إلى الكثير من المناصب القيادة في السلطة المحلية في الجزيرة.
وترى التربوية كوثر محمد أن معظم نساء سقطرى المتعلمات يقتصر عملهن في الجانب التربوي فقط فيما الأميات في الزراعة والرعي ولا يتم إشراكهن في المجالات الأخرى وتضيف كوثر: “هناك تهميش متعمد للمرأة السقطرية وتقزيم دورها في المشاركة على جوانب معنية بعيده عن مركز القرار “
(تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع غرفة أخبار الجندر اليمنية الذي تنفذه مؤسسة ميديا للإعلام والتنمية)