زعفران ضحية لم يقبلها الأطباء | الموجة الثالثة لكوفيد-19 تهديد إضافي لحياة اليمنيات
لفظت أنفاسها الأخيرة أمام أحد أكبر مستشفيات العاصمة صنعاء بعد أن رُفض استقبالها للاشتباه بإصابتها بوباء كورونا. إنها السيدة زَعْفران المطري (40 عاما)، وهي أم لخمسة أطفال وجدت نفسها عاجزة عن دخول أي مستشفى لتلقي العلاج على إثر إصابتها بضيق حاد في التنفس. فارقت الحياة على قارعة الطريق أمام أعين أولادها ودموعهم التي لم تشفع لهم، كما يقولون، في استعطاف أي من المستشفيات لاستقبال والدتهم وإنقاذ حياتها بدعوى عدم وجود أية أقسام مخصّصة لاستقبال ومعالجة حالات الإصابة بفيروس كورونا أو حتى حالات الاشتباه.
زعفران من أهالي حارة الشريف بمديرية آزال، وقد رحلت عن الحياة قبل أشهر تاركة حسرة كبيرة في نفوس أبنائها إلى جانب كثير من المخاوف والتحديات التي باتت تحدق بحياة عشرات الآلاف من النسوة في بلد يعيش هشاشة في القطاع الصحي، بل إنه، بحسب منظمات دولية، الأسوأ في العالم.
تقول الأمم المتحدة إن معدلات انتشار الوباء في اليمن هي من أكبر المعدلات على مستوى العالم، وذلك في الوقت الذي يعاني فيه البلد أسوأ أزمة إنسانية في العالم بسبب الحرب المتواصلة منذ عام 2015.
مخاطر متعددة
الراحلة زعفران هي أنموذج لعشرات الآلاف من النسوة اللائي بتنَ عُرضة للإصابة بالأمراض والأوبئة، وأخطرها وباء كورونا الذي يشهد موجة انتشار جديدة باسم متحور “أُميكرون”.
تقول السلطات الصحية التابعة لحكومة الشرعية إن عدد الإصابات في المناطق الواقعة تحت سيطرتها بلغت 100 إصابة في اليوم الواحد بسبب تفشي الموجة الثالثة من الوباء، فيما اكتفت جماعة أنصار الله بإعلان تفشي كوفيد-19 في المناطق الشمالية الواقعة تحت سيطرتها، وهي الأكثر من حيث الكثافة السكانية، من دون الكشف عن أية أرقام للضحايا، لكنّ منظمات دولية ومختصين يؤكدون أن الأرقام الحقيقية للإصابات والوفيات بالوباء في البلاد تفوق المُعلن عنها بكثير.
وتشير توقعات الأمم المتحدة إلى أن نصف سكان اليمن البالغ عددهم أكثر من 30 مليونا معرضون للإصابة بالوباء في ظل هشاشة النظام الصحي وضالة الإمكانيات اللازمة للفحص.
انتشار متسارع
نسبة الإصابات المرتفعة في عموم مناطق البلاد يقابلها انهيار شبه كامل في القطاع الصحي. وتقول السلطات الصحية إن أكثر من 50% من المرافق الطبية أصبحت خارج الجاهزية، فيما تعاني المرافق التي ما زالت في الخدمة من نقص حاد في الإمكانيات والأدوية والمستلزمات الطبية، وهو ما يضاعف من مخاطر نسبة الإصابات بالوباء في المجتمع اليمني، خصوصا في أوساط النساء، وتفيد الدكتورة ليلى أحمد، وهي اختصاصية نساء وأطفال بمستشفى الثورة العام بصنعاء، أن شريحة النساء هي الأكثر عرضة للإصابة بكوفيد-19 بالنظر إلى ضعف القطاع الصحي وغياب الوعي وانعدام الإجراءات الاحترازية، ناهيك عن عدم تلقي السواد الأعظم منهن للقاحات التي تعلن منظمة الصحة العالمية إيصالها لمختلف مناطق اليمن من حين لآخر.
أصناف المعاناة
السيدة زعفران المطري، كما تقول ابنتها الكبرى ألطاف (18 عاما)، واجهت أصنافا متعددة من المعاناة في حياتها القصيرة، لكن تلك المعاناة تضاعفت وأخذت أشكالا متعددة منذ اندلاع الحرب منذ نحو سبع سنوات وما رافقتها من تحديات ومصاعب لا حصر لها قبل أن تودع الحياة بسبب هذا الوباء.
ويوضح الدكتور أحمد الحصني اختصاصي طب النساء أن المرأة اليمنية كانت أبرز الضحايا للحرب الدائرة وتداعياتها الكارثية، وأنها باتت مهددة بصورة حقيقية بسبب تفشي كوفيد-19 بمختلف مراحله وتطوراته.
وأصبح هذه الجائحة كابوسا مخيفا يخيم على حياة النساء في كل مناطق اليمن. وتقول السيدة سوسن الملحاني، وهي تربوية تعمل في إحدى مدارس العاصمة صنعاء، إن كوفيد-19 صار شبحا وهاجسا دائما في نفس كل إمراه، فحيث تذهب لا تكون في مأمن من الإصابة خصوصا مع الغياب الكلي لإجراءات الوقاية المعمول بها في جميع بلدان العالم.
أخيرا
ماتت السيدة زعفران المطري لكن معاناتها لا تزال حية وحاضرة بقوة في حياة مئات الآلاف من نساء اليمن اللائي بات الموت يترصدهن في كل الظروف. ومع كل ما تعانيه اليمن من مشكلات بسبب الحرب وتداعياتها، يبقى كوفيد-19 واحدا من أبرز التهديدات التي تحدق بأرواح اليمنيات.