لا سفر إلا بمحرم | هكذا تقتل أحلام الفاعلات الثقافية للالتحاق بالفرص الإقليمية
تواجه العديد من الفاعلات الثقافيات والفنانات في اليمن تحديًا كبيرًا عند محاولتهن السفر إلى الخارج للمشاركة في المنح التدريبية أو الفعاليات الثقافية والفنية. ورغم أن هذه الفرص تمثل خطوة هامة في مسيرتهن، إلا أن العديد منهن يواجهن معارضة شديدة من أسرهن، التي تضع شرطًا رئيسيًا لتحقيق هذه الفرص: الزواج أولاً. تقول نسرين (اسم مستعار)، فنانة شابة من عدن: “كان لدي فرصة للعمل في مهرجان دولي، لكن أسرتي رفضت تمامًا أن أسافر بمفردي. كانوا يعتقدون أن السفر والعمل في الخارج ليس من أولويات الفتاة إلا إذا كانت متزوجة، ويشعرون أن ذلك قد يؤثر على سمعتنا.”
القيود الثقافية والعادات المجتمعية
في المجتمع اليمني، يعتبر السفر بمفردها من قبل الفتاة تهديدًا للقيم والتقاليد التي تؤمن بها العديد من الأسر. فبينما يسعى العديد من الشباب إلى بناء مسار مهني ودولي، تواجه الفتاة تحديات إضافية تمنعها من تحقيق طموحاتها. يقول عادل، أحد الناشطين في مجال تمكين المرأة بتعز: “عندما يتعلق الأمر بالمرأة، يختلف الموقف تمامًا. في كثير من الأحيان، يُنظر إلى سفر الفتاة بدون مرافقين على أنه تصرف غير لائق، مهما كانت أهدافها التعليمية أو المهنية.”
التدخل الاجتماعي: بين القبول والرفض
العديد من الفاعلات الثقافيات والفنانات يجدن أنفسهن محاصرات بين طموحاتهن المهنية وضغوط العائلة والمجتمع. وبينما يحاول البعض منهن اتخاذ قرارات مستقلة، يجدن أن تلبية توقعات الأسرة أهم من متابعة الفرص التي قد تعزز مستقبلهن. تقول نُهى عبد الرحمن (اسم مستعار)، شاعرة يمنية: “كانت لدي فرصة لحضور ورشة عمل في الخارج، لكن رفض والدي كان قاسيًا. اعتقدوا أنه من غير المناسب أن أسافر دون أن أكون مرتبطة. كان من الصعب عليَّ التفاهم مع عائلتي بشأن ذلك.”
الحاجة إلى تغيير ثقافي: تمكين الفتاة اليمنية
إن التحديات التي تواجهها الفاعلات الثقافيات والفنانات في اليمن بسبب رفض أسرهن لفكرة السفر بمفردهن تتطلب تغييرًا جذريًا في نظرة المجتمع إلى حقوق المرأة. يجب أن يُمنح للفتيات حق السفر بحرية والمشاركة في المنح التدريبية دون أن يرتبط ذلك بتوقعات الزواج. إن التغيير يبدأ داخل الأسرة والمجتمع، حيث يجب أن يُحتفل بالإنجازات الشخصية والمهارات بدلاً من النظر إليها كتهديد للقيم التقليدية. تقول سلامة عبد الله، الناشطة في مجال حقوق المرأة بالحديدة: “من المهم أن نغير هذه الفكرة النمطية بأن المرأة لا يمكنها السفر أو التقدم إلا إذا كانت تحت سلطة رجل، وأن تمكينها يبدأ بتعزيز استقلاليتها وحقها في اتخاذ قراراتها الشخصية.”
تظل معاناة الفاعلات الثقافيات والفنانات اليمنيات في السفر للمشاركة في المنح التدريبية نتيجة للقيود الاجتماعية والعائلية جزءًا من الواقع الذي يعيق تقدم المرأة. إن تمكين الفتاة اليمنية يتطلب تغييرًا ثقافيًا يعزز حقوقها في اتخاذ قراراتها الشخصية، ويساعدها في الوصول إلى الفرص التي تساهم في تطوير مهاراتها وتحقيق طموحاتها.