مواد غرفة أخبار الجندر

15
نوفمبر

سوء التغذية| مأساة اليمنيات في ظل الحرب

 ميديا ساك

يعد سوء التغذية من أبرز التحديات الصحية التي تواجه النساء في اليمن، حيث يعاني عدد كبير منهن من نقص حاد في العناصر الغذائية الأساسية نتيجة للأزمات الاقتصادية والصراعات المستمرة التي تشهدها البلاد. إن تدني الوضع الاقتصادي والظروف الاجتماعية الصعبة، إلى جانب قلة الوعي الغذائي، تجعل النساء في اليمن أكثر عرضة للمشاكل الصحية التي قد تنعكس على حياتهن اليومية وأدوارهن الاجتماعية.

تأثير الحرب على الأمن الغذائي للنساء

تفاقمت مشكلة سوء التغذية في اليمن بشكل كبير نتيجة الحرب المستمرة منذ عدة سنوات، والتي أدت إلى تدهور الوضع الأمني والاقتصادي في البلاد. ومع تفشي الفقر، تراجعت قدرة الكثير من الأسر على توفير غذاء صحي ومتوازن لأفرادها. تقول هند (اسم مستعار)، إحدى النساء في محافظة تعز: “الوضع أصبح صعبًا للغاية. من الصعب الحصول على غذاء كافٍ ومتنوع، وغالبًا ما نضطر للعيش على الأرز والخبز فقط. أحيانًا نذهب أيامًا دون تناول الخضار أو الفواكه، مما يؤثر على صحتنا بشكل كبير”.

بالإضافة إلى ذلك، فإن انقطاع سبل الحصول على المساعدات الغذائية في بعض المناطق بسبب الحصار أو النزاعات المسلحة يفاقم الوضع الصحي للنساء، خاصة في المناطق الريفية حيث تندر الموارد الصحية والغذائية.

أسباب سوء التغذية لدى النساء في اليمن

سوء التغذية في اليمن يطال النساء لأسباب متعددة، أبرزها الفقر، والاعتماد على أنماط غذائية غير متوازنة، وارتفاع معدلات الأمية الغذائية. في العديد من الأسر اليمنية، تكون النساء في مقدمة الضحايا بسبب انشغالهن في تلبية احتياجات الأسرة وتركهن الرعاية الصحية والغذائية لوقت لاحق.

توضح فاطمة (30 عامًا)، إحدى النساء من محافظة الحديدة،: “نحن في الغالب نفضل أن نترك الطعام لأطفالنا أو لزوجنا، بينما لا نتأكد من تناولنا طعامًا صحيًا، وهذا يؤثر على صحتنا بشكل مستمر. أصبحنا نشعر بالإرهاق والتعب المزمن”.

كما أن عدم توفر الغذاء المتوازن، الذي يحتوي على البروتينات، الفيتامينات، والمعادن، يؤدي إلى إصابة النساء بالكثير من الأمراض المرتبطة بنقص العناصر الغذائية مثل فقر الدم، ونقص فيتامين “د”، وسوء صحة العظام.

الآثار الصحية لسوء التغذية على النساء

يؤثر سوء التغذية بشكل مباشر على صحة النساء في اليمن ويزيد من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة والمزمنة. من أبرز هذه الآثار:

  • فقر الدم: تعاني نسبة كبيرة من النساء اليمنيات من فقر الدم الناتج عن نقص الحديد. هذا المرض يؤثر على مستوى الطاقة ويزيد من التعب والإرهاق المزمن. تقول مريم (26 عامًا)، وهي امرأة حامل: “أعاني من فقر الدم الشديد، وأشعر بالإرهاق طوال الوقت. في الحمل، يصبح الوضع أسوأ لأنني بحاجة إلى مزيد من التغذية”.
  • ضعف المناعة: يؤدي نقص العناصر الغذائية الأساسية إلى ضعف جهاز المناعة، مما يزيد من تعرض النساء للأمراض المعدية والأوبئة. كما أن سوء التغذية يجعل النساء أقل قدرة على التعافي من الأمراض.
  • مضاعفات الحمل والولادة: تعد النساء الحوامل والأمهات الجدد من الفئات الأكثر تضررًا من سوء التغذية، إذ يمكن أن يؤدي نقص الغذاء إلى مشاكل صحية خطيرة مثل الولادة المبكرة، وانخفاض وزن الطفل عند الولادة، وصعوبة في الرضاعة الطبيعية.

مشاكل العظام والمفاصل: نقص فيتامين “د” والكالسيوم يؤثر على صحة العظام لدى النساء، مما يزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام وألم المفاصل.

التأثيرات النفسية والاجتماعية لسوء التغذية

تتجاوز آثار سوء التغذية على صحة النساء اليمنيات الجوانب الجسدية لتشمل أيضًا الأبعاد النفسية والاجتماعية. فالفقر الغذائي يعزز من الشعور بالضعف وعدم القدرة على التحكم في الوضع الصحي، مما يؤدي إلى الاكتئاب والقلق المستمر.

تقول سهى جمال (28 عامًا): من مدينة المكلا “إن شعوري بالعجز عندما لا أستطيع تأمين الغذاء الجيد لأطفالي يجعلني أشعر بالضغط الدائم. لا أشعر بأنني قادرة على تقديم أفضل شيء لهم، وهذا يؤثر على حالتي النفسية”.

كما أن الوضع الاجتماعي والسياسي السيء في اليمن، فضلاً عن القيم التقليدية التي تحد من دور المرأة في الحصول على التعليم أو العمل، يزيد من عبء المرأة في مواجهة تحديات الحياة اليومية، بما في ذلك توفير الغذاء لأسرهن.

الحلول الممكنة: نحو تعزيز التغذية الجيدة للنساء

من أجل معالجة مشكلة سوء التغذية بين النساء في اليمن، من الضروري اتخاذ خطوات شاملة تشمل:

  • تعزيز الوعي الغذائي: نشر الوعي بين النساء بأهمية التغذية السليمة، وكيفية التغلب على نقص العناصر الغذائية الأساسية باستخدام الموارد المحلية المتاحة.
  • تحسين سبل الوصول إلى الغذاء: توفير سبل الدعم الغذائي والمساعدات الإنسانية بشكل مستمر للمناطق المتضررة من النزاع، مع ضمان وصول المساعدات بشكل عادل للنساء.
  • الاستثمار في صحة الأم والطفل: تعزيز برامج الصحة الإنجابية والوقاية من الأمراض التي تصيب النساء أثناء الحمل، وتقديم الرعاية الصحية الأساسية لهم.
  • تمكين المرأة اقتصاديًا: تشجيع المشاريع الصغيرة التي تتيح للنساء فرصًا للحصول على دخل مستقل يمكنهن من تأمين احتياجاتهن الغذائية بشكل أفضل.

سوء التغذية يمثل تحديًا كبيرًا للصحة العامة في اليمن، وخاصة للنساء. في وقت يعاني فيه البلد من صراع مستمر وتدهور اقتصادي، يصبح من الضروري تكثيف الجهود لدعم المرأة اليمنية في التغلب على هذه المشكلة الصحية. يجب على المجتمع المحلي والدولي تكثيف التعاون من أجل تحسين الوضع الغذائي للنساء في اليمن لضمان حياة صحية ومستقبل أفضل للأجيال القادمة.

اشترك

اشترك في قائمتنا البريدية